وليد الأحمد يكتب:@woahmed1

معاناة مؤسسات الإعلام المحلي من تراجع الموارد وهجرة المعلن والقارئ ليست قضية حديثة، بل بدأت عالميًّا وظهرت آثارها الأولى قبل نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة بعد أعوام قليلة من انطلاقة فيسبوك وتويتر عامي 2004-2006 ثم ثورة آبل بهاتفها الذكي «آيفون 1» عام 2007، وقناعتي أنها حتى اليوم لم تجد المحامي الشاطر الذي يجيد الدفاع عنها، مع كونها قضية عادلة.

في لقاء رئيس هيئة الصحافيين ورئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ الكبير خالد المالك في «بودكاست إيقاع» قبل أسبوعين، تحدث عن كيفية بناء إعلام قوي يتسق مع مرحلة المشاريع الكبيرة والمبادرات الضخمة التي تعيشها المملكة، معرِّجًا على التحديات الوجودية التي تمر بها المؤسسات الصحفية، لكن أبا بشار لم يعرض حلولًا سوى تجديد مطالبته بالدعم المادي لإنقاذ المؤسسات الصحافية.

رئيس تحرير صحيفة الوطن الأستاذ عثمان الصيني هو الآخر كتب مقالا تحليليًّا طويلًا وعميقًا بعنوان «أزمة الإعلام.. القادم أسوأ»، تطرق لريادة مؤسسات الإعلام السعودي في التسعينيات مثل أوربت، وإم بي سي، وأي آر تي، قبل تراجع وموت بعضها، والجدل العقيم بين الإعلام الورقي أو الإلكتروني؟ والأخبار الكاذبة في التطبيقات الاجتماعية، مختتمًا مقاله بأن العالم العربي في زمن الذكاء الاصطناعي والميتافيرس ما زال يتعامل بعقلية جوال الباندا، فالمشرعون والمخططون ما زالوا يبنون إستراتيجياتهم على ما قبل 2023.

وعلى أن الصيني لم يقدّم حلًّا مفصَّلًا لأزمة الإعلام، لكنه أشار إلى نقطة جوهرية، وهي مشكلة «المشرع» في الإعلام، فالمعروف أن أي صناعة يمكن أن تضمحل وتختفي، إذا كانت التشريعات لتلك الصناعة قديمة وغير مواكبة للتغيرات الطارئة على السوق، وغير قادرة على حفظ حقوق الملك الفكرية للاعبين الرئيسين ومنع الاحتكار. فالمؤسسات الإعلامية تضررت كثيرًا من احتكار سوق الإعلانات الرقمية من شركات التقنية الأمريكية المقدّر حجمه بـ11 مليار ريال، كما لا تحصل على أي مقابل لتداول محتواها الإخباري على منصات التواصل الاجتماعي، ومحركات البحث.

هذه قضية رابحة للمؤسسات الإعلامية، والدليل أن مؤسسات الإعلام المحلي في أستراليا تحصل على 200 مليون دولار سنويًّا من جوجل وفيسبوك، على إثر إقرار قانون (المساومة الإلزامية لوسائل الإعلام) لتعويض مؤسسات الإعلام عن الاحتكار والسطو على المحتوى الإخباري.

وفي بلجيكا وفرنسا وبريطانيا وكندا تحركات قانونية مشابهة يقودها متخصصون في منع الاحتكار والملكية الفكرية.