هناء مكي

@hana_maki00

ينتابني التفكير بشأن الاقتصاد الياباني، وعن سبب توقف النهضة اليابانية منذ التسعينيات إلى ما هي عليه، على الرغم مما حققته حتى سُجّلت في التاريخ باسم «المعجزة اليابانية»، ولكن واقعًا فإن اليابان تعاني من عجز تجاري ممتد منذ العام 2015، وتباطؤ وتيرة الاقتصاد، وقد يكلفها هذا الكثير في المستقبل.

لا تزال اليابان متربّعة على رأس القائمة؛ كونها ثالث أكبر اقتصاد في العالم، ولكن هذا الاقتصاد يعاني اليوم من ترنّح وثقل في بعض من مصادر قوته، ويبدو الأمر متصلًا أكثر بالأجيال ومواريثها لا بالحكومات أو الدولة، بعد أن هدأت حروبهم الاقتصادية، جنح الشعب الياباني للاستقلال بحياته، فتغيّرت عاداته، وتعرّض الاقتصاد إلى ركود.

استطاعت اليابان أن تسجل اسمها في قائمة الدول المتقدمة. وحين تقرأ تاريخ اليابان وسياساته ستجد الأمر أكثر تعقيدًا مقارنة بإنجازها الاقتصادي، فواقعًا أغلب الدول الآسيوية لديها إقطاعية متجذرة وهذه الإقطاعيات هي التي تقسّم المجتمع تقسيمًا من الصعب تغييره، نتجت عنه حروب أهلية وانتقالات في السلطة، وانعدام الاستقرار، وبالتالي رجعت القرارات السيادية إلى خسارات، بيد أن هذه الإقطاعية هي الأخرى كانت محركًا كبيرًا ومستبسلًا في الولاءات والانتقالات المرحلية نحو اعتلاء القمة، تضاد غريب وجوهري تجده ليس فقط في اليابان، ستجده في الصين والهند وكوريا وباقي الدول الآسيوية، ولكن لنعترف بأنها الأكثر والأوسع والأقوى في ذلك حين حوَّلت محاربيها وجنودها ومقاتليها إلى عاملين مجدّين، بنوا نهضة اليابان وحوَّلوها إلى نهضة سُجِّلت كإعجاز بشري. مستغلين صفة الإخلاص المطلق للجماعة في العُرف الآسيوي، وبالذات الياباني ليوجّه نحو بناء الوطن.

في الحقيقة أن التعمّق في جذور مشكلة التباطؤ الاقتصادي الياباني وأريحية التعامل معه يأتي مرتكزًا على نمط حياة الأسر اليابانية المنفقة بسخاء، والتي تحول دون وقوع أي كساد يفاقم التضخم، وبالنظر إلى الحلول، فإن الدراسات تشير إلى أن عمق تجذر المشكلة يكمن في شُحّ الطلب، وهذا يرتكز على نمطية الحياة اليابانية اليوم، وهي أصل المشكلة الكامنة في كون اليابانيين شعبًا يلجأ للادخار، ولك أن تعرف أبعاد المشكلة وحلولها في مفصل حياة اليابانيين، وتناقض عاداتهم.

الشاهد أن اليابان لم تحاول أن تنافس ولجأت للوتيرة المستقرة في حين أن أهم الاقتصاديات الناشئة تأخذ لها مكان بروز في الاقتصاد العالمي، وجُلّها آسيوية، فالصين التي تحتل المركز الثاني بتجربة أكثر عصامية من اليابان قد تقدمت وانتهى.

ولكن بحسب دراسة نشرها موقع Investopedia”» لأكبر 25 اقتصادًا عالميًّا، نهاية العام الماضي، جاء فيها: «احتلت الصين المرتبة 13 في عام 2000 وتحتل المرتبة الثانية منذ عام 2010. وفي أسفل القائمة قفزت إندونيسيا، وهي واحدة من الوافدين الجدد المذكورين أعلاه إلى القائمة، من المركز السابع والعشرين لأكبر اقتصاد في عام 2000، وتحتل حاليًّا المرتبة 16، بينما قفزت تايلاند من المرتبة 32 وتحتل الآن المرتبة 24.

وفي عام 2021، قفزت المملكة العربية السعودية من المرتبة 20 إلى المرتبة 18، بينما تراجعت سويسرا من المرتبة 18 إلى المرتبة 20.

ندرك أن اليابان ستخوض منافسة ليست بالهيّنة في السنوات القادمة، وستهزم إذا ما بقيت بهذا المكان.