سالم اليامي يكتب:salemalyami @

عبارات نسمعها تتردد في حياة الناس، وتجري على ألسنتهم، ولكننا قليلاً ما نتوقف عند بعضها، للتفحص وتحديد المعاني الدقيقة التي قد تختفي خلفها. البعض يصفها بأنها عبارات قاتلة، والبعض الآخر يقول إنها عبارات يمكن أن تتلون بأكثر من لون، فيما يذهب آخرون أنها قد تكون عبارات تعزية، ومواساة للنفس، وربما في أحيان أخرى تغدو كلمات تؤكد أن نفس المتكلم بها شجاعة، وصبورة وقادرة على تحمل المسؤولية دون الإسقاط على الآخرين. من يقدم للآخرين جميلا، أو معروفا، أو صنيعا حسنا، بدون تثبت وربما تأكد، قد تكشف له الأيام أنه وضع عمله الجميل ذاك في غير موضعه الصحيح، وربما راجع نفسه، وأدرك أن أدواته في تقدير الأمور لم تك في مكانها، أو أنها تجاوزت طبيعة الهدف الذي اعتقده في بادئ الأمر. هنا يمكن أن يقول المرء لنفسه هذه العبارة. قد يقول البعض وهم محقون إن عمل الجميل، والمعروف، أمر لا يمكن أن يندم عليه أحد. هذا فيه شيء كثير من الصحة، لكن يبقى بحث الناس عن الكمال مدعاة أحياناً لتقريع النفس، ولومها حتى وإن كان ذلك اللوم من النوع الجميل، الذي يصب في خانة تعديل السلوكيات، وتصحيح المسارات في هذه الحياة... في إحدى المرات سألت قريبي أبو مهدي غفر الله له ولأموات المسلمين عن هذ العبارة، وأصررت على أن أعرف رأيه الواضح هل سبق أن حدث نفسه بها. قال ضاحكاً غفر الله له:

- اسمع يا ولدي بارك الله فيك

وكانت هذه البادئة التي يستهل بها أحاديثه مع الآخرين عندما يكون في مزاج يحفز على الحديث، وتابع:

نعم أنا قلتها، وقلتها غير مرة، قلتها عندما شعرت أن الأمور التي كنت أتمنى حدوثها من وراء فعل معين لم تأت على ما أريد وأتمنى، وكانت حالة من مراجعة للنفس لا عتابها.

وتوقف لبعض الوقت ثم واصل، وقد بدا لي أن سؤالي له لامس شيئا لديه، وتابع:

وقلتها مرة، وربما مرات أخرى، وأنا أعتقد أني أقوم بعمل إيجابي تجاه نفسي، وحياتي، وسعادة من حولي.

والتفت إليَّ بكله وهو يرفع يده أمام وجهه في الفضاء الذي يفصل بيننا:

قلت لنفسي أنا استاهل الراحة والتمتع بالحياة بعد عمل طويل، ومخالطة الناس بالمعروف، والجميل، واتقاء غضب خالقي بالأعمال الصالحة، التي لا أتطلع من أحد جزاء عليها إلا من الله سبحانه وتعالى.

رحم الله أبا مهدي الذي لا أمل ذكراه.