سالم اليامي يكتب:salemalyami@

سيظل الزلزال المروع، الذي ضرب الأراضي التركية والسورية، واحدا من أكبر الزلازل التي تعرضت لها المنطقة، وكل الأمنيات أَنَّ تستطيع الدول المنكوبة، بمساعدة المنظومة الدولية، تجاوز الآثار السلبية لهذا الحدث الصعب.

وسائل الإعلام نقلت للناس تطورات الزلزال وعمليات البحث عن ناجين، وأمورا أخرى فنية وإنسانية عن الموضوع، بقي أن نتلمس أنتم وأنا في هذه المساحة علاقة الزلزال بالسياسة بقدر الإمكان. في المستوى الأول يثور السؤال حول التكلفة السياسية الداخلية للزلزال على الجانبين التركي والسوري، وهنا نقول إن الاحتمالات كبيرة جداً بأن تستخدم المعارضة السياسية في تركيا الزلزال للتكسب سياسياً منه، خاصة وأن تركيا مقبلة خلال بضعة أشهر على انتخابات عامة، سيكون موقف أردوغان فيها صعبا لأنَّ الزلزال عمق مشاكل كانت موجودة في السياسة التركية، مثل مشكلة اللاجئين السوريين، ومثل مشكلة تهاون الحكومة الحالية، والتي تتهم منذ اللحظات الأولى للزلزال بأنَّها تهاونت في سلامة المعايير العمرانية، لأنَّ جزءا من سياستها في تلك الفترة اعتبرت الإنشاءات العمرانية واحدة من المهمات الرئيسة للدولة، يضاف إلى ذلك تهم ستواجهها حكومة أردوغان، ليس أيسرها التهاون في فرض معايير سلامة عالية بعد قناعة تركيا بفقدان الأمل بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ويلاحظ بأن أردوغان واظب على الظهور للناس عبر شاشة التلفزيون وهو يحتك بصورة مباشرة بأسر الضحايا وأقربائهم، وحاول الحصول على تعاطف الناس من خلال إبراز صور الصغار من الناجين في مقدمة لقاءاته، علاوة على الكلام الرقيق والعاطفي الذي يوجهه للناس، وكنوع من تبرؤات الحكومة أعلن في اليوم الخامس أو السادس لاندلاع الأزمة توقيف عدد من المقاولين وشركات الإعمار التركية، للتخفف من جزء من المسؤولية أمام الناس، أو جماهير المنتخبين بعد أشهر.

في الجانب السوري، بينت الحادثة المأساوية أن الجماعات المتحاربة في الصراع الأهلي السوري لا تعيش حالة انسجام عام، بمعنى أن كل طرف يعتقد أنَّ مصيره مرتبط بطرف دولي أو إقليمي، لذا استغرقت عملية إبداء شيء من المرونة لتوصيل المساعدات وقتا كبيرا، وكانت في نطاقات ضيقة جداً. بالنسبة للنظام السوري أثبتت الحادثة عزلته الداخلية والإقليمية والدولية، حيث تأخرت المساعدات لسوريا بشكل عام، وكل جهة تقدمت لتقديم المساعدة اختارت طريقا مختلفا يتناسب والجهة المستهدفة بالمساعدة. أبرز العلاقات التي يمكن تسجيلها على المستوى الإقليمي زيارة مسؤول رفيع يوناني إلى تركيا، وإرسال مساعدات في إشارة واضحة على أن هذا التقارب اللافت بين الأعداء حدث بفعل الكارثة.