عبدالرحمن السليمان يكتب:

يرتبط عنوان المعرض التاسع والثلاثون (العودة إلى الرياض) للفنان عبدالله حماس بشكلين، الأول هو أن أول معارضه الفردية كان في الرياض عام 1974 بعد تخرجه في معهد التربية الفنية بعام. الأمر الآخر هو نية الفنان الاستقرار في الرياض بعد أكثر من محطة في حياته كأبها وجدة التي أسس فيهما مراسمه واستوديو خاصا بأعماله. يعود إلى الرياض محملا بذاكرة السنين وتراكم الخبرات. يعود وقد سبق أن أسس قبل عام مشغلا يمارس فيه الرسم ويعرض فيه بعض أعماله بمجمع الموسى.

في المعرض قدم الفنان بانوراما فنية تمثلت في 99 عملا فنيا، يعود أقدمها إلى العام 1975، عندما رسم الملك فيصل رحمه الله، أما البقية فتتراوح فترة إنجازها بين 2017 و2023. عرفنا عبدالله حماس غزير الإنتاج ترتبط لوحته غالبا بذاكرة ممتلئة بالصور. صور طبيعة أبها على الخصوص، وبعض تأثيرات أماكن أخرى بينها الرياض خاصة معمارها الطيني.

تتنوع أعمال المعرض بين التجريب وبين اهتماماته التراثية، وبين حالة التعبير التلقائي المتدفق، والذي معه ترتسم الأشكال وتظهر المعاني التي يستدعيها أو التي تفرض نفسها لحظة الاشتغال الفني. سنجد بين الأعمال مغامرة تلوين السطح بدرجات مخففة من الرماديات وبعض الألوان الأخرى وكأننا في فضاء سماوي يكتنز بالغيم أو من خلال الإيحاء بمعمار يختفي خلف كثافة الضباب. هي استدعاء للحظات وجد فيها الفنان وسيلته للتعبير عن لحظة مشحونة بالطاقة الفنية، وليس غير أدواته الفنية وألوانه لتمثيل الحالة، وهو تمثيل يستدعي معه خبراته الفنية واقتداره على الرسم في مساحات كبيرة، فبعض الأعمال تصل إلى الأربعة أمتار طولا وقد تزيد، أو ثلاثة أمتار ارتفاعا. على أن هذه الاختيارات الكبيرة يقابلها أعمال أصغر. ففي مساحة واحدة قدم ما مقداره ثلاثة وثلاثين عملا تتباعد بمسافة واحدة يحكمها المقاس وحالة التجريب والتنويع.

المعرض واحد من المعارض الهامة التي تشهدها الرياض خلال هذه الفترة، وكعادة معارض حمّاس تترك أصداء إيجابية وتفاعلا في الوسط الفني، وبين متابعيه.

aalsoliman@hotmail.com