تتناغم 5 عناصر جوهرية في شعار يوم التأسيس، هي: العلم السعودي، والنخلة، والصقر، والخيل العربية، والسوق، لتعكس في مضمونها تراثًا وطنيًا حيًا وأنماطًا مستمرة، رُسمت بنمط الخط التاريخي الذي دونت به إحدى المخطوطات التاريخية التي تؤرخ أحداث الدولة السعودية الأولى.
ويرمز العلم السعودي للوحدة والانتماء والوطنية، والعلم الحالي امتداد لعلم الدولة السعودية الأولى منذ رُفع قبل 3 قرون في عهد المؤسس الإمام محمد بن سعود -رحمه الله-، ولونه أخضر تتوسطه كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وجزؤه القريب من الحامل أبيض، واستمر حتى الدولة السعودية الثانية وبداية الدولة السعودية الثالثة.
ومرت العناصر الدلالية للعلم بعدة مراحل؛ ففي عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود -رحمه الله- اتخذ علم الدولة السعودية الأولى مـع إضافة سيف تحت كلمة (لا إله إلا الله)، واعتمد شكل العلم السعودي الأخضر مع كتابة كلة التوحيـد باللون الأبيض متوسطة العلـم، وفـي أسـفله السـيف المسـلول الـذي يرمـز للقـوة، موازيـًا لكلمـة التوحيد.
النخيل رمز الهوية
أما (النخلة) فاقترنت بدلالة مكانية لشبه الجزيرة العربية، وأضحت جزءًا رئيسيًا من الهوية والثقافة والتراث السعودي، بعمق جذورها الضاربة في أرض الدولة السعودية، واكتسبت مكانة من عائد خيرات ثمارها غذائيًا واقتصاديًا، علاوة على منافعها المتعددة من سعفها وجريدها وجذوعها، لا سيما في حياة الآباء والأجداد، لصناعة المستلزمات الضرورية لمعيشتهم، مثل المنسف، والحصيرة، والمهفة، والسفرة، والمبرد، والزنابيل، والسلال، والقفاف (جمع قُفة)، والأبواب والأقفال.. وغيرها.
ويمثل (الخيل العربي) أصالة وإرثًا ارتبط بتاريخ الجزيرة العربية وعلى أرضها، كما أثبتت الاكتشافات الأثرية الحديثة في المملكة العربية السعودية.
استؤنست الخيول لأول مـرة في تاريخ العالم قبل 9 آلاف عـام، وخلد المؤرخون والشعراء أسماءها وسلالاتها وفرسانها وأوصافها وأفعالها، ولم تنفك عن الذكر منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى حتى وقتنا الحاضر؛ إذ حرص الأئمة على اقتناء نجائب الخيل والعناية بأنواعها، ويذكر ابن بشر في كتابه عنوان المجد في تاريخ نجد، أن الإمام سعود بن عبد العزيز كان يملك في مرابطه 1.400 فرس، هذا غير ما يملكه أبناؤه وأتباعه.
كما كان لاهتمام أئمة الدولة السعودية الأولى بمرابط الخيل العربية الأصيلة وعنايتهم بها، دور في إنقاذها وتكاثرها بالمنطقة، في حين انتشر كثير من المرابط لدى القبائل والأسر في أنحاء البلاد السعودية.
الصيد بالصقور هواية أصيلة
تشير رمزية (الصقر) في تفاصيل الشعار، إلى رياضة الصيد بالصقور، الهواية الأشهر في مجتمع الجزيرة العربية، وهي أحد أصناف علم البيزرة المعروف في تراثنا العربي، وعُرف لدى العرب أنواع من الصقور، أكثرها شعبية الحر والشاهين والوكري، وتأتي مهاجرة إلى الجزيرة العربية من أواسط آسيا إلى منطقة الخليج العربي، وتتمركز في شمال شرق الجزيرة العربية وشرقها، حتى أطراف الربع الخالي، حيث تصاد فيها أو يؤتى بها مستوردة من مواطنها الأصلية، عدا الوكري وشـاهين الجبل التي تستوطن الجزيرة العربية.
وإبان فترة الدولة السعودية الأولى، كانت الصقور من الهدايا التي تقدم للأمراء وشيوخ القبائل والأعيان، واشتهر بعض القبائل بالصيد بالصقور.
ويبرز (السوق) كمورد أساسي لأهل البلدة، إلى جانب الزراعة والفلاحة، وكانت أسواق الدولة السعودية الأولى على شكل دكاكين تصطف في الشوارع الواسعة بجـوار القصـر والمسـجد، وتتسع للمتسوقين وبضائعهم، وقديمًا كانت الأسواق مجموعة دكاكين، تختلف في أوقات ممارسة نشاطها؛ فمنها الأسبوعي، والشهري، والسنوي، وأخرى تعقد مرة في بضع سنين.
أقصى قوة وأوج اتساع
شهدت الدولة السـعودية الأولى فـي عهـد أئمتهـا أوج اتساعها الجغرافي والسياسي، وبلغت أقصى قوتها ومجدها، وتعددت مصـادر الدخل وثروات سـكان مركـز الدولة في الدرعية، وانعكس ذلك على الأسواق التجارية، والقصور السكنية، والرقعة الزراعية، وتوافد ذوو الخبرات والصناعات من داخل الدولة وخارجها، إلى الدرعية، ونتج عـن ذلك تمتع الناس في الدرعية بحياة اقتصادية جيدة.
واشتهرت الدولة السعودية الأولى بأسواقها العامرة في نجد والحجاز وتهامة والأحساء وعسير.