اُطلُّ عليكم في هذا اليوم الجديد، في يوم ذكرى عظيمة في صفحات وطننا الكبير المشرقة، هذه الصفحة كانت هي الأولى حين انبثق النور الجديد في العالم كله إيذانًا بوطن عظيم حباه الله واختاره وشرَّفه بأن يكون مهبطًا للوحي، ومنبعًا للنبوة والرسالة، وبين جنباته أعظم بقاع الأرض طُهرًا وعزة «الحرمان الشريفان»، وهو تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود «رحمه الله»، عام 1139هـ/ 1727م، وعاصمتها الدرعية.
هذا اليوم ليس مجرد تاريخ فحسب، بل اعتزاز بجذور راسخة للوطن وأهله، كما أنه أيضًا ارتباط بين المواطنين وقادتهم الذين أسَّسوا هذا الوطن من جذوره، وعلامة واضحة في وحدة الوطن وشعبه واستقراره أمنيًّا واجتماعيًّا واعتزازًا بصمود هذه الدولة بعد تأسيسها أمام محاولات الأعداء للنيل منها وإحباطها، فقد كان هناك رجال قدَّموا أرواحهم ودماءهم لننعَم بوطن مستقر آمن مطمئن، حباه الله من النِّعَم الكثيرة التي نحمده سبحانه عليها، واحترام كل الأجيال والحقبات التي مرَّت خلال حكم هذه البلاد من ذلك اليوم وحتى يومنا هذا، واستمرارهم «بإذن الله» مستقبلًا يُعتبر امتدادًا واحدًا لقوة جذورها، وتعاقب قادتها، والمحافظة على استقرار كل الحقبات الزمنية بمختلف متغيّراتها وتحدياتها، وصولًا لمشروع الوحدة الكبير والعظيم الذي كان على يدي المغفور له الملك عبدالعزيز «طيَّب الله ثراه»، فأن تؤسّس وطنًا وتوحِّده بأمن واستقرار واطمئنان لقرون من الزمن لهو إنجاز عظيم من رجالٍ مخلصين، وضعوا كل نفيسٍ مقابل كل ذلك.
يوم التأسيس ليس مجرد تاريخ محدَّد فحسب، بل هو تاريخٌ حُفِر بحروفٍ من ذهب للبنة الأولى في تشييد وطن كبير عظيم، يسطّر لأصل كل ما ننعَم به منذ ذلك اليوم وحتى اليوم، ومستقبلًا «بإذن الله»، في ظل قيادة وشعب، وارتباط وثيق بينهما، يزداد متانة وولاءً وعزةً عبر الزمن، تتعاقب الأجيال وتتغيَّر، لكنها على نفس المبادئ راسخة من جذور ذلك اليوم.
أكثر من ثلاثة قرون منذ أن رفعنا راية بلادنا ثلاثة قرون سطَّرنا أجمل معانٍ من ديننا وعروبتنا، بالقول والعمل خدمنا الحرمين، وطبقنا الدين ونشرناه، وجعلناه مصدر الحكم، وكنا أهلًا للضيافة والجود والكرم والأصالة والمعرفة والترابط، قيم تأصلت منذ يوم التأسيس تحت راية واحدة هي راية الوطن الخفاقة من يوم بدينا وما انتهينا بحول الله، الله يعزنا ولا يعز علينا.
رحم الله الإمام محمد بن سعود الذي أسَّس وطنًا لنا نفخر به أمام العالم كله على مدى العصور، ورحم الله الملك عبدالعزيز الذي وحَّد أرجاء هذا الوطن المترامي، ورحم الله كل أبنائه الذين تواتروا في حكم وطننا، وكل الرجال الذين عملوا معهم جميعًا، وأطال الله عمر خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، ووفقهم وأعانهم وسخَّر لهم كل الأسباب التي تزيد من رفعة الوطن وشأنه في كل مجال.
وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل «بإذن الله» أودعكم قائلًا: (النيّات الطيبة لا تخسر أبدًا)، في أمان الله.
@Majid_alsuhaimi