Khaled_Bn_Moh@خالد الشنيبر

في الفترة الحالية أصبحت قراءة مؤشرات سوق العمل أكثر وضوحاً من السنوات السابقة، وذلك منذ إطلاق نشرات سوق العمل الدورية، والتي تُعلن عنها الهيئة العامة للإحصاء، وفي نفس الوقت هناك تواجد لمؤشرات تخص سوق العمل يُشرف عليها صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» من خلال المرصد الوطني للعمل، ويهدف هذا المرصد للمساهمة في دعم اتخاذ القرارات وتطوير البرامج التي تخص سوق العمل.

مؤشرات سوق العمل تعتبر أدوات تُستخدم لرصد أي متغيرات قد تطرأ على سوق العمل، وتعتبر كوسيلة إنذار مبكر عند وجود أي خطر قد يشهده سوق العمل، ومن خلالها بالإمكان تقييم مدى كفاءة منظومة سوق العمل، وأثر القرارات والبرامج التي يتم تطبيقها، وحتى نصل لصورة أوضح وأشمل عن سوق العمل ينبغي أن تكون المؤشرات شاملة ومخصصة وذات علاقة في طبيعة الاقتصاد، ولذلك من المهم وجود التقسيم القطاعي والمناطقي حتى تتضح الصورة بشكل أكبر، خاصة في ظل التوسع الجغرافي الكبير للمملكة.

من الخطأ الاعتماد على مؤشر البطالة فقط للحكم على كفاءة سوق العمل، لأنه يعتبر مؤشراً جزئياً، ولا يعكس حال سوق العمل بالكامل ومستوى كفاءة المنظومة الاقتصادية، ولذلك من المهم أن نرى توسع أكبر في بناء مؤشرات سوق العمل التي يُعلن عنها المرصد الوطني، خاصة فيما يتعلق بأثر القرارات التي يتم تطبيقها على سوق العمل، سواء كان ذلك متعلقاً في أصحاب الأعمال أو العاملين فيه مع مراعاة التقسيم المناطقي والقطاعي.

هناك العديد من المؤشرات المهمة التي أقترح أن يتم الافصاح عنها فيما يخص سوق العمل، ولا يتسع مقال واحد لذكرها، ومنها على سبيل المثال المؤشرات المتعلقة بالتوظيف «متوسط تكلفة التوظيف، معدل قبول العروض الوظيفية، معدل اجتياز فترة التجربة»، والمؤشرات المتعلقة بقرارات التوطين «متوسط الأجور في المهن التي صدر قرارات توطين لها، معدل الاستقرار الوظيفي، معدل التوطين العام للقطاعات والمهن التي صدر قرارات توطين لها»، والمؤشرات المتعلقة بالإنتاجية «معدل الغياب، العمل الإضافي، متوسط ساعات العمل، معدل إنتاجية العمالة على مستوى الاقتصاد»، بالإضافة للمؤشرات المتعلقة في التكاليف التي يتكبدها أصحاب العمل فيما يخص رسوم المنصات والرسوم الحكومية الأخرى، والمهم عند بناء أي مؤشر هو إمكانية الفلترة المناطقية والقطاعية للمؤشر، حتى تتضح الصورة بشكل أكبر، وأيضاً إتاحة مقارنة تلك المؤشرات مع مؤشرات دولية.

تأسيس وبناء تلك المؤشرات ليس بالأمر الصعب، ويعتبر الأساس في قيادة سوق العمل خلال الفترة القادمة، وكوجهة نظر شخصية من المهم أن يكون هناك مجلس استشاري مختص في متابعة ورفع التوصيات عند وجود أي إنذارات/طارئ قد تعكسه تلك المؤشرات، ويتكون أعضاء المجلس من مسؤولين في وزارات الموارد البشرية والاقتصاد والمالية بالإضافة لمختصين مستقلين في سوق العمل، وإضافة لذلك يتم عقد ندوات عامة لمناقشة أبرز تلك المؤشرات بشكل دوري.

ختاما؛ الثورة الرقمية أدت إلى زيادة حجم البيانات والمعلومات المتاحة للاستخدام، ولذلك تطوير سوق العمل يعتمد بشكل كبير على توافر المؤشرات ذات العلاقة وتنوعها، مما يعزز من التعرف على الحالات غير المقبولة وفرص التحسين الممكنة وتعزيز مكامن القوة الحالية، وما أتمناه كغيري من المهتمين في سوق العمل هو تنوع وتواجد مثل تلك المؤشرات في منصة رقمية واحدة.