يعد أبرق الرغامة أحد المواقع الأثرية الواقعة شرق مدينة جدة، التي كانت ممرًا تاريخيًا لطرق القوافل المتجهة من جدة إلى مكة المكرمة، واكتسب الموقع شهرته ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله- مع رجاله، للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة من عام 1344هـ، الموافق 25 ديسمبر 1952م.
ويعد الموقع صفحة تاريخية من سطور ملحمة التوحيد التي قادها الملك المؤسس؛ إذ استطاع أن يحولها من منطقة جرداء إلى واحة حضرية تحتضن على أرضها الأحياء السكنية والمنشآت التنموية، بعد أن كانت قبل توحيد المملكة ممرًا لعبور القوافل التجارية القادمة إلى منطقة الحجاز.
وبدأت بفضل الله تعالى، ثم هذه العناية من الملك عبد العزيز -رحمه الله- معالم النهضة الكبرى للبلاد، من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، لتصبح جدة بوابة الحرمين الشريفين التي يفد إليها زوار بيت الله الحرام، والوجهة السياحية لعشاق البحر الأحمر، فقد كانت منطقة أبرق الرغامة قبل توحيد المملكة أرضًا جرداء قاحلة.
مكانة تاريخية عريقة
أصبحت أبرق الرغامة اليوم جزءًا من مدينة جدة، وامتد إليها العمران، وأنشئت فيها المراكز الحضارية والتجارية والمؤسسات الحكومية، ولعل جاذبية الاسم المستمد من طبيعة الأرض الجغرافية تتناغم مع مفهوم تاريخ المملكة العربية السعودية.
ويعود المعنى اللغوي لـأبرق الرغامة من الأبرق، ويعني البرقاء، وهي حجارة مختلطة برمل، وكل شيء خلط بلونين، فقد برق أي لمع والبرقة أرض وحجارة وتراب، الغالب عليها البياض، وفيها حجارة حمراء وسوداء، والتراب أبيض وأحمر، أي برق بلون حجارتها وترابها، وفي مثل هذه الأراضي تظهر حولها وعلى أطرافها نباتات وأشجار، ويكون إلى جوارها الروض، وهو عشب أخضر يصلح للرعي بعد سقوط الأمطار، وهناك أمكنة عديدة في جزيرة العرب تساق إلى اسم أبرق، ومنها هذا المسمى أبرق الرغامة.
والرغامة اسم قديم ينطبق وصفه على طبيعة الأرض، والموقع معروف منذ القدم؛ كونه ممرًا لطرق القوافل المتجهة من جدة إلى مكة المكرمة، كما يطلق لفظ الرغامة على المسافات التي تجتاز الأراضي الرملية في الحجاز.
ويقع وادي الرغامة شرق جبل أبرق الرغامة بمسافة 14 كيلو مترًا تقريبًا، ويحتوي الوادي على عين للمياه تشتهر بعذوبتها، ويعد مناخها مختلفًا عن الأحياء الموجودة داخل المدينة؛ بسبب بعدها عن البحر ومجاورتها الجبال، كما أنشئ متحف عن منطقة أبرق الرغامة، ومكانتها في مسيرة التوحيد للملك عبد العزيز، على مساحة 150 ألف متر مربع، لتجسيد هذا الموروث الثقافي التاريخي.