عبدالعزيز الذكير يكتب:

تتزايد مخرجات التعليم العالي من الطلبة المبتعثين في الخارج (البعثات)، وهذا بلا شك أمر يستحق الإطراء والثناء، ونوصي بالاستمرار فيه.

إلا أن نسبة كبيرة ممن عادوا، ومَن هم رأوا ومارسوا تدريبًا في الخارج، لا على المهنة وحدها أو على تقانتها، بل على أخلاقياتها، يصطدمون عند عودتهم إلى الوطن ودوائره الرسمية وإجراءاته في مزاولة العمل، والتعاطي مع المواضيع التي أمامهم، وكذا التآمر في التطبيق (إذا تكلمنا عن مهندس مدني أو كهربائي مثلًا).

رأيت ورأى غيري أن ثمة ثغراتٍ تحدث في العمل، أو حالة دائمة من الصراع والتناطح، ويجد القادم الجديد أو حديث التخرج في أغلب الأحيان نفسَه أمامَ جبهةٍ صَلبَةٍ (من رؤساء أو زملاء) تجيدُ المراوغة بألوانها المختلفة، وتتفنن في احتواء كل الأصوات المخالفة.. بعضهم يتحوّل بسرعة عجيبة إلى فساد وعفن. إما عن رغبة داخله أو بتوجيه من رئيس.

والقادم الجديد بحكم علمه ودرايته لا يستطيع أن يحتج على الفساد والإفساد، أو توجيه رسم أو مخطط هندسي؛ ليتواءم مع منفعة المقاول ومن أتى بالمقاول.

نجد الخريج الجديد ناجحًا في أفكاره ومحاولة تطبيق الجيّد والجديد، لكنه معرَّض للفشل.

ولقد فشل الكثير في تكريس رسالته، وفقدت مبادئه حماسها أمام ترغيب وترهيب الإدارات العليا، وإستراتيجية النظام المصلحي الذي يختلف كثيرًا عمّا تعلمه الخريج وتدرّب عليه. ويكون أمامه إما التعايش مع الواقع، أو التهميش والإهمال.

يأتي الخريج حاملًا مبادئ عملية واعدة جدًّا. ومن خلال محدودية ساحة تطبيقاتها تضعف عزيمته. ولا أجد ما يمنعني من القول إن الحالة ستبقى هكذا إلى أمد ليس بالقصير، وتذهب جهود برامج التعلّم والتدريب والدورات في الخارج أدراج الرياح.

ولكي لا نُضعف مقاومة الخريج يجب أن نمنحه الحرية بقول «لا» إذا كانت الفكرة أو الخطاب أو المشروع عبارة عن هيكل فيه شروخ كثيرة. فهو - أي الخريج - ذهب إلى الخارج من أجل أن يقبل الحسن ويرفض السيئ. والحرية المحدودة، في مجالات ضيقة في العمل لا تكفي.

@A_Althukair