اليوم - وليد عبده

شتاء إيطالي جاف أفقد مدينة البندقية أهم ميزاتها السياحية، إذ خلت جنادلها وقنواتها من المياه، خاصة بعد ظاهرة انحسار مياه البحر المتوسط.

الظاهرة تأتي بعد صيف جاف أيضًا أثّر على قارة أوروبا بأكملها، وقال علماء وجاعات بيئية إن معدل تساقط الثلوج على جبال الألب أقل من نصف المعدل المعتاد هذا الشتاء، بحسب رويترز.

وتقبع المراكب السياحية والأجرة في قاع قنوات البندقية، ما جعل أمر التنقل صعب في المدينة، وسط ترقب السياح لارتفاع مد البحر مرة أخرى.

جفاف لا فيضان

اللافت في جفاف البندقية أن كل المخاوف من تأثيرات التغير المناخي كانت تصب في أزمة الفيضان وإغراق المدينة، ولكن ما يحدث هذه الفترة عكس المتوقع، إذ انحسرت المياه بسبب انخفاض المد البحري لسبب غير معروف.

وفي نوفمبر 2019 ، شهدت البندقية بعضًا من أسوأ الفيضانات في تاريخ المدينة، إذ ارتفع منسوب المياه إلى 187 سم فوق مستوى سطح البحر، وهو ثاني أعلى مستوى جرى تسجيله على الإطلاق، وتسبب في أضرار تقدر بمئات الملايين من اليوروهات، بحسب شبكة سي إن إن.

ومنذ تلك الأزمة، جرى الانتهاء من نظام حماية من الفيضانات يتكون من حواجز متحركة عند مداخل البحيرة ووضعها موضع التنفيذ.

الجفاف أصاب إيطاليا من الصيف الماضي - رويترز

نقص حاد

عزى علماء مشكلات البندقية إلى مجموعة من العوامل أهمها قلة المطر، ونظام الضغط العالي، والتيارات البحرية.

قالت جماعة ليجامبيانتي البيئية، إن الأنهار والبحيرات الإيطالية تعاني من نقص حاد في المياه ، مع تركيز الاهتمام على شمال البلاد، بحسب ما نقلته رويترز.

وأضافت في بيان أن نهر بو، أطول نهر في إيطاليا والذي يمتد من جبال الألب في الشمال الغربي إلى البحر الأدرياتيكي ، يحتوي على 61٪ من المياه أقل من المعتاد في هذا الوقت من العام.

في يوليو الماضي، أعلنت إيطاليا حالة الطوارئ في المناطق المحيطة بنهر بو ، والتي تمثل ما يقرب من ثلث الإنتاج الزراعي للبلاد وعانت من أسوأ جفاف منذ 70 عامًا.

ونقلت صحيفة كورييري ديلا سيرا عن خبير المناخ ماسيميليانو باسكوي من معهد البحوث العلمية الإيطالي سي إن آر قوله نحن في وضع عجز مائي يتراكم منذ شتاء 2020-2021.

وأضاف نحتاج لاستعادة 500 ملليمتر في المناطق الشمالية الغربية .. نحتاج 50 يوما من الأمطار.

وربما تأتي البشرى لإيطاليا في تنبؤات الطقس، والتي تشير إلى وصول هطول الأمطار والثلوج التي تشتد الحاجة إليها في جبال الألب في الأيام المقبلة.

الجفاف أصاب إيطاليا من الصيف الماضي - رويترز

مدينة تعتمد على المياه

القنوات الـ150 التي تشكّل سحر البندقية، والتي تعتبر شوارع المدينة وطرقها، تعتمد على النقل المائي عبر القوارب، بالإضافة لخدمات الطوارئ على الممرات المائية للتنقل حول المدينة التاريخية والجزر النائية.

صيد الأسماك يعتبر من أكبر الصناعات القائمة على المياه في العصر الحديث، إذ يتوجَّه الصيادون يوميًا إلى البحيرة وما وراءها ويحضرون صيدهم -بما في ذلك الأنواع الفريدة من نوعها في البحيرة مثل السرطانات ذات الصدفة الناعمة- إلى سوق ريالتو للأسماك الشهير.

يُعتبر ميناء البندقية أمرًا حيويًا لاقتصاد المدينة أيضًا. وهو ثامن أكثر الموانئ التجارية ازدحامًا في إيطاليا ومركزًا رئيسيًا لسفن الرحلات البحرية.

انتظار المطر

قال لوكا ميركالي، رئيس جمعية الأرصاد الجوية الإيطالية، إذا لم يكن لدينا مطر ربيعي لمدة عامين متتاليين، فستكون هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا على الإطلاق، بحسب تقرير نشرته صحيفة الجارديان.

وأضاف أليساندرو براتي: إذا لم يكن لديك ماء، فلن تتمكن من إنتاج الطاقة، لذا فهذه مشكلة كبيرة، وإنه أمر بالغ الأهمية لأنه لم يتساقط الثلج أو يمطر خلال هذه الفترة وتقول التوقعات إنها ستبقى على هذا النحو.