لطالما ارتبطت كلمة «الأم» بكل معنى سامٍ وعظيم، واتفقت البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها على سمو مكانة الأم التي تمثلت في العديد من الثقافات بالكائن الأساس لكل حياة على هذه الأرض.
ولا نختلف على أن هذا الوصف أقل بكثير من معنى الأمومة، وما يجب أن تكون عليه الأمومة الحقة، فالأمومة في مفهوم البعض مجرد إنجاب، وفي نظر البعض الآخر هي التسلط والتملك لدرجة المرض، ودائما ما نرى ما يثبت أنه ليس كل أم تعي وتدرك معنى الأمومة، فما بين التطرف في الرعاية وحب التملك وبين الإهمال وعدم الاهتمام بأقل واجبات الطفل يضيع الأبناء.
وقد يغيب عن الأذهان أنه مهما اختلفت الطرق لدى الأم للتربية والتعبير فإن الشعور الأكيد لديها تجاه أبنائها هو الحب لا غير، فمنهن من تعبر عن حبها بالقسوة على اعتبار أن القسوة قد تصنع أشخاصا أقوياء وناجحين، ومنهن من تعبر عنه بالحنان المفرط الذي يصدم الأبناء بصعوبة الحياة لاحقا، ومنهن من تعبر عنه بالتسلط لدرجة قد تلغي معها شخصيات الأبناء.. وغيرهن من أنواع الأمهات.
لكن الحقيقة أن الأمومة من السمو ما يلغي كل هذه الأفكار الضيقة ويستبدلها بمهمة روحية واسعة وهي وجوب حرص الأم على سلامة أبنائها ذهنيا كحرصها على سلامتهم جسديا وماديا، وبمجرد أن تدرك الأم هذا الدور العظيم لها في حاضر ومستقبل أبنائها ستحظى برؤيتهم بأفضل حال وأكثر استقرار لأنفسهم وللمجتمع.
كما أن اهتمام الأم بالجوانب النفسية لأبنائها ستنعكس بشكل إيجابي عليها أيضا، ولا يعني ذلك أن تقوم بإقصاء خياراتها أو تحمل ما لا تطيق أو تجنب راحتها النسبية في حياتها -على أقل تقدير- كتضحية لأبنائها! حيث إن هذا التصرف الكارثي سيكون السوط الأكثر إيلاما عندما تضرب به أبناءها لاحقا وكأنهم هم المسؤولون عن ظروفها أو معاناتها، مما سيسبب الكثير من الألم لهم، وبالتالي اهتزاز شخصياتهم، لذا فإن أساس العلاقة بين الأم وأبنائها هو شعورهم بأهميتها في حياتهم ودعمها لهم حتى لو لم تكن معهم في ذات المكان، فكثير من الأمهات تواجدهن غائب أو غيابهن هو الموجود!
إن الأمومة شعور كبير جميل وثقيل في ذات الوقت، هو ليس ترفا أو أنانية، بل يجب أن يكون على قدر عال من المسؤولية والاستعداد للعطاء والاهتمام دون تملك وتسلط.