رويترز - أنطاكية

يبث جهاز تسجيل أسود قديم أغنية أتمنى لو كنت هنا لفرقة بينك فلويد في حي متضرر بمدينة أنطاكية التركية القديمة، لم يبق به سوى القليل من السكان بعد أن خربه الزلزال المدمر قبل ما يقرب من شهر.

ورغم إغلاق جميع متاجر المدينة تقريبًا وتحول المباني إلى صفوف من أكوام الأنقاض، فإن تاجر التحف محمد سيركان سينجان قرر البقاء وعرض بضاعته في الشارع وتشغيل الموسيقى للمارة، تمامًا كما كان يفعل قبل الزلزال.

سلفادور دالي على الجدار

علق سينجان صورة للوحة إصرار الذاكرة الشهيرة للفنان سلفادور دالي على الجدار الخارجي لمتجره المتضرر، إلى جانب لوحة منسوجة لمسجد كبير، وأخرى تصور السيد المسيح وهو يقود قطيعًا من الخراف إلى مورد الماء.

وفي مكان قريب وضعت لوحة فسيفساء لأتاتورك، ومجلات قديمة وعدة أعلام تركية.

وفي المدينة التي توقفت فيها الحياة، أحصى سينجان، 50 عامًا، عددًا من أصدقائه وجيرانه بين أكثر من 50 ألفًا قُتلوا في كارثة الزلزال، وقال إن عرض القطع كالمعتاد وسيلة للحفاظ على بعض مظاهر الحياة الطبيعية.

وقال: حتى قبل الزلزال، كانت المقاعد بالخارج وكان لدي معروضات بالخارج لإظهار أنه متجر للتحف.. هذه هي الحياة العادية الكلاسيكية بالنسبة لنا.. لذا فقد عدنا إلى طبيعتنا.. نحن سعداء هنا.

رجل فقد أسرته في انهيار منزل عقب زلزال أنطاكية - رويترز

تحف تحت الأنقاض

في الشوارع التي كانت تعج بالسائحين ذات يوم، صار معظم المارة الآن من الجنود ورجال الشرطة وعمال الطوارئ.

وقال سينجان إن المهندسين أجروا تقييمًا للمبنى التاريخي الذي يضم متجره وخلصوا إلى أنه آمن، إذ اقتصرت الأضرار على طبقات الجبس وبعض الجدران غير الأساسية.

لكن الأضرار لحقت أيضًا بآلاف التحف التي جمعها على مر السنين.

غطت الأرضية داخل المبنى مزهريات وفناجين وصحون، وغيرها من الأواني الفخارية التي تطايرت من أماكنها في الخزانات وزجاج ملون وقطع حجرية محطمة إلى جانب قطع مكسورة من الفضيات والشمعدانات والأثاث الخشبي.

وتفقد سينجان المتجر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مثل صورة لوالده وصورة طريفة لألبرت أينشتاين يخرج فيها لسانه ونسخة باهتة من الموناليزا.

رجل يخرج أريكة من مبنى سكني دمره الزلزال بمدينة هاتاي في تركيا - رويترز

سنعيد بناءها

دمر الزلزال عددًا من المباني التاريخية في أنطاكية التي لها تاريخ طويل مع التنوع بما في ذلك كنائس يعود تاريخها إلى عصور قديمة والعديد من المساجد العتيقة.

وقال سينجان إن من كانوا يرفعون الأذان للصلاة في المساجد غادروا أيضًا مما دفعه إلى تولي هذه المهمة بنفسه.

وقال: أنا لا أسمع أذان الصلاة. أصلي منذ 20 عامًا، وعدم سماع الأذان يؤلمني.

يصعد سينجان درج المبنى عند كل صلاة وصولًا إلى فناء مطل على الشارع ليرفع الأذان.

وقال: إنها مسألة شرف بالنسبة للأتراك. نقول إن العَلَم لا يسقط والأذان لا يتوقف.

ولحقت الأضرار البالغة بأنطاكية أو دُمرت المدينة بالكامل مرات عديدة على مدى أكثر من ألفي عام، سواء كان ذلك بسبب الزلازل أو الغزو مع انتقالها بين الإغريق والرومان والعرب والعثمانيين.

وقال سينجان إنه واثق في أن المدينة ستنهض مرة أخرى.

وأضاف: سقطت أنطاكية 6 مرات. وكانت هذه المرة رقم 6.5.. وإن شاء الله سنعيد بناءها.