خلال عام مضى هي عمر الحرب الروسية الأوكرانية، تكشَّفت وسائل جديدة للحرب بإمكانها تغيير مسار الأحداث بقوة، وليس في المعارك الساخنة فقط بل في الباردة أيضًا، كتلك الحادثة بين الصين والولايات المتحدة، لتكتب فصلًا جديدًا في سجل الحروب الحديثة.
بمجرد انطلاق أول قذيفة روسية تجاه أوكرانيا، كتم العالم أنفاسه، وأعرب الجميع عن مخاوفه من سلاح الردع الأكثر رعبًا وتقنية الأسلحة النووية التكتيكية.
ما النووي التكتيكي؟
يشار إلى الأسلحة النووية التكتيكية أحيانًا باسم الأسلحة النووية الصغيرة أو المحدودة، على الرغم من أنها لا تزال تسبب خسائر مدمرة ودمارًا كبيرًا، فهي مصممة لضربات محدودة ضد أهداف محدّدة قريبة نسبيًا، مثل مراكز القيادة، بدلًا من تدمير المدن من بعيد.
يمكن أن تتراوح القوة التفجيرية للأسلحة النووية التكتيكية من أقل من كيلوطن واحد إلى نحو 100 كيلوطن، في حين أن الأسلحة النووية الاستراتيجية يمكن أن تصل إلى ألف كيلوطن.
كانت القنابل التي دمرت هيروشيما وناجازاكي في عام 1945 تتراوح بين 12 و21 كيلوطن، كان وزن القنبلة التي أُسقطت على هيروشيما 9700 رطل وقنبلة زنة 10800 رطل سوت ناجازاكي.
يمكن أن يكون للأسلحة النووية التكتيكية مردود مماثل أو أكبر -يصل إلى عدة أضعاف قوة قنبلة ناجازاكي- لكنها غالبًا ما تكون أصغر حجمًا وأكثر قابلية للحمل.
لم يستخدم أحد من قبل سلاحًا نوويًا تكتيكيًا في القتال، فقد طوَّرتها الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في وقت مبكر خلال الحرب الباردة كوسيلة للردع.
أخيرًا أثار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المخاوف من استخدام الأسلحة التكتيكية، بعدما أعلن تعليق العمل بمعاهدة نيوستارت التي تقيّد نشر الأسلحة النووية.
حرب الفضاء القريب
في صراع استخباراتي جديد قديم، ظهرت تقنية المناطيد للتجسس مرة أخرى، بعدما اتهمت الولايات المتحدة الصين بالتجسس عليها عبر مناطيد رصدتها في الفضاء وأسقطت إحداها، في منافسة عبر الفضاء القريب.
الفضاء القريب يقع بالقرب من ممرات الطيران لمعظم الطائرات التجارية والعسكرية وأسفل الأقمار الصناعية، وبالقرب من الفضاء هو منطقة بينية يمكن لرحلات الفضاء أن تمر من خلالها، ولكنه أيضًا مجال تعبر فيه الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت والصواريخ الباليستية.
بحسب تقرير نشرته شبكة سي إن إن، تعمل الصين على إحياء تقنية عمرها عقود للاستفادة من هذه المنطقة من الغلاف الجوي عبر مركبات أخف من الهواء، وهي تشمل مناطيد الستراتوسفير وبالونات عالية الارتفاع .
الصين ليست وحدها التي تخوض تجربة تقنيات الفضاء القريب ومركباته الرصدية، وبحسب التقرير، عزَّزت الولايات المتحدة قدرتها على استخدام مركبات أخف من الهواء في عام 2021، إذ تعاقد البنتاجون مع شركة طيران أمريكية للعمل على استخدام بالونات الستراتوسفير وسيلة لتطوير صورة تشغيل أكثر اكتمالًا وتطبيق التأثيرات على ساحة المعركة.
وصرّضح بريندان مولفاني، مدير معهد دراسات الفضاء الصيني (CASI)، وهو مركز أبحاث يخدم القوات الجوية الأمريكية، بأن تلك التقنيات ليست خاصة بالصين، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ودولًا أخرى تعمل أيضًا على تطوير طائرات عالية الارتفاع وبالونات ومركبات مماثلة.
وأكمل الخبير الذي ألَّف ورقة بحثية في عام 2020 تناولت بالتفصيل اهتمام الصين باستخدام مركبات أخف من الهواء في الفضاء القريب استطلاع أن الصين تبدو مدركة تمامًا لإمكانية قيام دول أخرى باستخدام البالونات للتجسس.
ترفض الصين الادعاءات الأمريكية قائلة إن المنطاد كان للأبحاث المدنية وانحرف عن مساره بالقوة القاهرة ودخل المجال الجوي الأمريكي عن غير قصد.
وانتقد كبير مسؤولي السياسة الخارجية الصينية، وانج يي، بشدة، إسقاط القوات الأمريكية ما يشتبه أنه منطاد تجسس من الصين.
الدرونات.. أشباح طائرة
شهد عام الحرب الأوكرانية، دخول الذكاء الاصطناعي بقوة للحرب عبر الطائرات المسيرة الدرونز.
وخلال شهور الحرب، ظهرت الدرونز في مقدمة الأسلحة، أكثر من أي صراع آخر في الماضي، ما يمهّد لواقع جديد يفرض نفسه في الحروب.
وتطرق تقرير نشره موقع بيزنس إنسايدر للمخاوف من مستقبل الذكاء الاصطناعي في الحروب.
وقال جيمس روجرز، من جامعة جنوب الدنمارك، والذي يقدِّم المشورة للأمم المتحدة بشأن تكنولوجيا الطائرات دون طيار المستقبلية، إن الدرونز من الناحية التقنية طائرات دون طيار يمكنها التواصل مع بعضها.
وأضاف: يسمح الذكاء الاصطناعي لتلك الطائرات بالتصرف بشكل تكافلي، مثل قطيع من الطيور في السماء، إذ تراها تتحرك ككيان واحد وتتفاعل معًا للمنبهات الخارجية.
وأوضح روجرز أن قدرات الحشد الحقيقية في طريقها إلى ساحة المعركة، لافتًا إلى أن يناير 2022 شهد استخدام تقنية طورتها شركة رايثيون عبر اختبارات، إذ سيطر مشغل بشري واحد فقط على 130 طائرة دون طيار تجارية جاهزة للاستخدام في أثناء تجواله بشكل مستقل ومراقبتها للمنطقة.