:shujaa_albogmi @د. شجاع البقمي

أظهر التقرير الربعي للميزانية العامة للدولة في الربع الأخير من 2022، نموا لافتا على صعيد الإنفاق الحكومي على المشاريع والبرامج الوطنية الداعمة من جهة، ونموا ملحوظا على مستوى الإيرادات النفطية وغير النفطية من جهة أخرى؛ فيما كشفت هذه الأرقام عن أن الإيرادات غير النفطية أظهرت نموا أكبر من نمو الإيرادات النفطية... الأمر الذي يبرهن على حيوية الاقتصاد وقوّته.

اتخذت المملكة حزمة كبيرة من الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية والهيكلية خلال السنوات القليلة الماضية؛ ونتائج هذه الإصلاحات والجهود الحكومية تبرهنها اليوم لغة الأرقام؛ والتي تكشف عن ارتفاع كبير في حجم النمو الاقتصادي في 2022، على الرغم من الظروف الصعبة التي يشهدها الاقتصاد العالمي حاليا، كما يبرهن عليها في الوقت ذاته النمو الملحوظ في حجم الإيرادات غير النفطية، وهذا أمر مميز ويعكس حجم النشاط الاقتصادي والحيوية التي يشهدها.

وارتفع إجمالي الإيرادات للربع الرابع من العام الماضي إلى 317.971 مليار ريال، مرتفعا بنسبة 18% عما حققه خلال الربع الرابع من العام 2021، والذي بلغ فيه 269.238 مليار ريال، حيث بلغت الإيرادات غير النفطية للربع الرابع لعام 2022، 123.786 مليار ريال، مسجلةً ارتفاعا بنسبة 19% مقارنةً بما كانت عليه في الربع الرابع من العام 2021 الذي بلغت فيه 103.748 مليار ريال. ويرجع ذلك إلى تعافي النشاط الاقتصادي إضافة إلى الجهود والمبادرات التي قامت بها الحكومة.

ويعكس هذا الارتفاع حجم التطور الذي شهدته الإيرادات غير النفطية، فقد ساهمت في تغطية ما يقارب 40% من حجم نفقات الحكومة حتى نهاية العام الماضي، بعد أن كانت لا تتجاوز 10% فقط في المراحل السابقة. ويرجع ذلك إلى السياسة المالية الجديدة للحكومة، لتجنب الاعتماد على الإيرادات النفطية المتذبذبة والتي أدت إلى عجوزات في الميزانية العامة للدولة خلال الأعوام الماضية.

ويأتي نمو الأنشطة غير النفطية بصورة مباشرة من دعم الحكومة لزيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج الإجمالي للمملكة، كما أن رؤية المملكة 2030 تستهدف زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد إلى 65% بحلول عام 2030، مقابل نحو 43% حاليا.

حققت الإيرادات النفطية خلال الربع الرابع من العام الماضي 194.186 مليار ريال مسجلةً ارتفاعا مقارنةً بالربع الرابع من العام 2021، والذي بلغت فيه 165.490 مليار ريال، حيث ارتفعت بنسبة 17% مدفوعةً بارتفاع أسعار النفط، بينما بلغ إجمالي المصروفات للربع الرابع 363.658 مليار ريال مسجلا ارتفاعا بنسبة 8% مقارنةً بنفس الفترة من العام 2021، والذي بلغ فيه 337.313 مليار ريال... وهذا يعني زيادة حجم الإنفاق الحكومي وبالتالي زيادة حجم الحراك الاقتصادي.

توضح نتائج الميزانية العامة للدولة خلال الربع الرابع، التحسّن القوي في غالبية الأنشطة الاقتصادية؛ نتيجة مواصلة مسيرة الإصلاحات التي تجريها الحكومة تحت مظلة رؤية المملكة 2030، وتبني سياسات مالية تسهم في الحفاظ على الاستدامة المالية وتطوير إدارة المالية العامة ورفع جودة التخطيط المالي لتعزيز النمو الاقتصادي والاستخدام الأكثر كفاءة للموارد.

ارتفاع المصروفات للربع الرابع مقارنةً بالفترة المماثلة من العام 2021 بنسبة 8% يشير إلى تنامي الإنفاق على الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين والمقيمين، وتطوير البنية التحتية، وتحسين برامج الحماية الاجتماعية، وبرامج تحقيق الرؤية الأخرى مثل: جودة الحياة، وخدمة ضيوف الرحمن، وبرنامج تنمية القدرات البشرية والابتعاث، والمشاريع والمبادرات الكبرى مثل: السعودية الخضراء.

ختاما... تحقيق فائض خلال العام 2022؛ يؤكد نجاح السياسات المالية للحكومة، كما يعكس جهود الحكومة في الحفاظ على الاستقرار المالي وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.