شيخة العامودي

صعدت الطائرة وقبل إقلاعها بلحظات بث تسجيل دعاء السفر بصوت مستقر اليقين، رددته جوارحي بكل اطمئنان فبمجرد إغلاق حزام الأمان وتحليق الطائرة مبتعدة عن الأرض رويدا رويدا وتجاوزها السحاب الذي في خضمه تهتز الطائرة عدة مرات لتستقر فوقه وتقترب من السماء رويدا رويدا يتجلى محسوسا شعورك بأنك بين رحمة الله ولطفه.

بعد أن استقرت الطائرة على خط ثابت في مسيرتها تفكرت بكلمة من كلمات الدعاء التي دومًا كنت أقف عندها عندما نتعوذ منها وهي «كآبة المنظر» ورغم فهمي لمضمونها إلا أنني كنت أتصوره فأقول: قد تكون كآبة منظر في رؤية أخلاقيات لا تروقني في الطريق أو قد أرى حديقة أهملت فمالت أغصانها ويبست أوراقها أو قد... وكنت أبحر في التصورات، وصلت لوجهتي وبعد أيام رأيت أمامي ما يفسر هذه الكلمة بحذافيرها وتفسير الكلمة لم يكن يختص بالنظر لكآبة المنظر فقط بل بالشعور الرهيب الذي يعكسه هذا المنظر على نفسيتك ومشاعرك وشعورك.

كان المنظر حادثا أمامي حصل قبل وصولنا بلحظات، سيارة وشاحنة وسأكتفي بهذا التفصيل الذي جعلني أردد بسم الله عدة مرات تجاوزنا السيارة وكان هناك حديث بين رجل واقف خارجها والسائق من داخل السيارة، ربتت ابنتي على كفي قائلة الحمد لله يبدو أنه بخير، بكيت من ذاك المنظر وتبدل حديثنا الضاحك لسكون تتخلله شهقاتي ووصلت لداري وبعد أن صليت المغرب والعشاء جمعا وقصرا جلست على سجادتي أدعو لذلك السائق بالسلامة ولكل خلق الله، وباغتت تفكيري كلمة «كآبة المنظر» وكأنها وضعت بين يدي المعنى الذي كنت أبحث عنه.

بعد ذلك تساءلت: أليس في بث صور صرعى الزلازل والحروب كآبة منظر؟ أليس في بث أنينهم وأحاديثهم كآبة منظر؟ ما الغرض من تناقلها في وسائل التواصل أليست قنوات الأخبار التي ليس هناك أكثر منها هي المتكفلة بذلك والتي في ذلك تقوم بأكثر من واجبها؟ هل الغرض كما يقال أحيانا إحياء ضمائر الناس أو يقظتهم؟ هل يحتاج الإنسان لرؤية كل تلك المناظر الكئيبة ليستيقظ أو يتنبه، ألم يؤمن عمر «رضي الله عنه» من سماع آية رتلها صوت خاشع؟ أليس في ديننا مفهوم الوزر الذي يتحمله صاحبه إن أحزن أخاه المسلم؟ ألم يتعوذ رسولنا الكريم «عليه الصلاة والسلام» من كآبة المنظر فمال البعض يتسابق لنشرها؟

* حقوق

الكلمة تكسر الخاطر والصورة تُحزن المشاعر ولكل خاطر ومشاعر حق يجب مراعاته.

@ALAmoudiSheika