عبدالله العزمان يكتب:@azmani21

عندما نزلت آية (ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم)، قال الصديق: بلى، والله إنا نحب - يا ربنا - أن تغفر لنا. ثم أعاد إلى مسطح بن أثاثة، ما كان يصله من النفقة، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا، وقد كان قد منعها عنه، بعدما أخطأ مسطح في حق أم المؤمنين، المبرأة بالوحي من السماء، في حادثة الإفك.

والعفو هو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه، كرمًا وإحسانًا رغم قدرة المرء على الانتقام ممن أخطأ في حقه، وهو شيمة من شيم الكبار، لا يقدر عليه إلا من أفاض الله عليه من رحماته، فيسر له القدرة على التحمل وتجاوز الإساءة، بل والإحسان لمن أخطأ عليه، رغبة فيما عند الله من فضل وثواب جزيل.

وفي حياتنا العامة، تحدث منا سقطات، قد نندم عليها ونبادر إلى تصحيحها، ولكن يصعب على الطرف الآخر أن يتقبل منا ذلك، فنقول لهم (ألا تحبون أن يغفر الله لكم)، وهل هناك أحد منا لا يحب ذلك.

والعفو هو ذلك الخلق العظيم الذي أوصى به سبحانه سيد الأنبياء والمرسلين، حين قال (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)؛ لأنه سبيل إلى تنقية النفس، والارتقاء بها عما يشوبها من عوائق الطريق، وهو وسيلة لرضا رب العالمين، فمن غفر الله له، فقد رضي عنه، وبذلك يكون قد فاز فوزا عظيما.

ولا شك في أن العفو، يسهم في توثيق الروابط الاجتماعية، التي قد تتعرض للفتور أو القطع بمجرد إساءة أحد ما إلى الآخر، كما أنه يكفل للمرء حياة هانئة كريمة، لا يشوبها غل ولا حقد على أحد، فترتاح نفس المرء ويرتاح كل من يخالطه ويتعامل معه، فلنرب أنفسنا على ذلك، لكي ننعم بعفو رب العالمين.

قال الإمام الشافعي:

لما عفوت ولم أحقد على أحد أرحت نفسي من هم العداوات

إني أحي عدوي عند رؤيته لأدفع الشر عني بالتحيات

وأظهر البشر للإنسان أبغضه كأنما قد حشى قلبي محبات