خالد القحطاني

khalid60606@gmail.com

شرفتُ في نهاية يناير 2018 بلقاء متميّز وحوار شيّق مع الكاتب والإعلامي آنذاك، ومعالي وزير الإعلام حاليًّا سلمان الدوسري، وذلك ضمن تنسيقي وإدارتي لبرنامج الأمسية الإعلامية السنويّة المفتوحة، الذي تنظّمه غرفة الأحساء، حيث دار حديث الأمسية حول واقع ومستقبل الإعلام السعودي وتأثيره على رؤى تنمية الاقتصاد والمجتمع.

وأذكر مما قاله معالي الدوسري وقتها أن الإعلام السعودي مظلوم، وأن من حق المتلقي السعودي أن يرى إعلام بلاده أكثر تأثيرًا وقوة، مطالبًا الدولة بأن تدعم وسائل إعلامية لتساعدها في توصيل رسالتها وصوتها للعالم، مبينًا أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست وسائل إعلام؛ لأنها ببساطة لا تصنع المحتوى ولا «تطبخه»، ولكنها مع ذلك، تشكّل بعضًا من الرأي العام.

كما قال معاليه وقتها إن المملكة تقود المشهد الإعلامي العربي، وأن كل دول المنطقة، لديها قناعة بذلك، ولكن بلادنا للأسف ليست الأكثر تأثيرًا، مبينًا أنه لا يرى أي مانع من أن تدعم الدولة الصحافة الورقيّة، مطالبًا بألا نسارع في «قتلها» قبل أوانها.

وعطفًا على بعض مما قاله معاليه في تلك الأمسية، وحمل فكرًا صريحًا نافذًا، ورؤية واضحة فاحصة، واعترافًا صادقًا، حديثه عن عدم نجاحنا في بناء صناعة صحافة سعودية متخصصة، خاصة في مجال اقتصاديات الطاقة والنفط، وأنه شخصيًّا يتحمّل جانبًا من هذا الإخفاق؛ لأنه ظل لفترة رئيسًا لتحرير (الاقتصادية) و(الشرق الأوسط)، ولم يبذل ما يكفي من الجهد في هذا الجانب.

وإنني إذ أبارك تعيين معالي الدوسري وزيرًا للإعلام ونيله شرف الثقة الملكية الكريمة لخدمة الدين ثم المليك والوطن، أبارك أيضًا لهذه الوزارة ذات الأدوار الكبيرة والمسؤوليات الجسام، ترؤس أحد أبنائها النابغين المخلصين ذروة سنامها، متطلعًا بشغف وتقدير لما سيدفع به من سياسات وترتيبات إعلاميّة وتنظيمية وتنمويّة تناسب تطلعات الوطن وتواجه التحديّات التي تجابهه.

ففي ظل ما تشهده صناعة الإعلام من تحوّلات كبيرة وخطيرة ومعاناتها من «غزو» وسائل التواصل الاجتماعي وتغوّلها «الشرس» على واقع الإعلام ومستقبله، والتهديد الوجودي الذي تفرضه على وسائل الإعلام المهنية، سيكون من المُهم علينا جميعًا كإعلاميين، وعلى رأسنا معالي الوزير، البحث معًا عن مكامن الخلل في «نموذج أداء عمل وسائل الإعلام»؛ ما يقوّض حقنا الأساسي في الحصول على المعلومات الصحيحة والمحتوى الإعلامي المهني.

ولا أشك في أن التطور المتسارع في صناعة الإعلام العالمي، ستدفع معالي الوزير لبحث سبل تطوير أدواتنا ووسائلنا وبيئة عملنا الإعلامي وتشريعاتها وتنظيماتها المتشعبة، بما يناسب المرحلة، ويحاكي تعزيز دور ورسالة الإعلام في التأثير والقوة الناعمة وتوحيد الطاقات وشحذ الهمم وتحفيز الوجدان المجتمعي للتلاحم والتعاضد حول رؤيتنا الوطنية 2030 ومُستهدفاتها التنمويّة الطموحة.

وأخيرًا.. صادق دعواتي وتمنياتي لمعالي الوزير بالتوفيق والسداد.