عبدالله الغنام

بمناسبة أن يوم (20) من شهر مارس الحالي هو (اليوم الدولي للسعادة) فلعلنا نتحدث على الفرق بين المتعة والسعادة وراحة البال، إذ أن البعض يعتقد أنهم شيء واحد.

وعن هذا اليوم العالمي تقول هيئة الأمم: «إنه يوم تشعر فيه بالسعادة والسرور. فمنذ 2013، لم تزل الأمم المتحدة تحتفي باليوم الدولي للسعادة على اعتبار أنه سبيل للاعتراف بأهمية السعادة في حياة الناس في كل أنحاء العالم. وفي الفترة القريبة الماضية، دشنت الأمم المتحدة (17) هدفا للتنمية المستدامة يراد منها إنهاء الفقر وخفض درجات التفاوت والتباين وحماية الكوكب، وهذه تمثل في مجملها جوانب رئيسية يمكنها أن تؤدي إلى الرفاه والسعادة».

من الطبيعي أن مفهوم السعادة يختلف من بلد إلى آخر، ومن ثقافة إلى أخرى. بل هو قد يختلف من شخص إلى آخر في نفس البلد، فكل ينظر لها من زاوية مختلفة. ولكن دعونا نتفق أنها الغاية المرجوة لكل البشر. ويذكر عن أرسطو أنه قال: السعادة غاية كل إنسان. ولا أعتقد أنك ستحصل عليها كاملة بل جزئيا ومن وقت إلى آخر. والحقيقة أن الحياة لا تخلو أبدا من مصاعب وهموم وأحزان ومعاناة، وهي تختلف في تأثيرها شكلا وحجما من شخص إلى شخص. وكذلك تختلف ردة الأفعال تبعا لاختلاف الشخصيات. وبعض الفلاسفة غالى كثيرا في هذا الجانب، حيث يرى أن الأصل في الحياة المعاناة منذ الولادة حتى الممات، ومنهم الفيلسوف الألماني المتشائم شوبنهاور. وحين نتأمل الواقع سنجد أن السعادة لا يمكن أن تكتمل، فقد تزرق بالمال ولكن تصاب بالمرض، وقد ترزق بكثرة البنين ولكن منهم من سيكون سببا في شقائك، وربما تكون مرتاحا أسريا، ولكنك مديون ماديا! وقد تملك الصحة والعافية ولكنك لست سعيدا مهنيا، أي أن الحياة لابد فيها من منغصات ونواقص. والله سبحانه وتعالى قال: «لقد خلقنا الإنسان في كبد» ومن المفسرين من يرى أن (الكبد) مشقة، أو شدة، وعناء وتعب. وصدق الشاعر القائل: طبعت على كدر وأنت تريدها... صفوا من الأقذار والأكدار!! إذن السعادة الحقيقة والكاملة لن نجدها في هذه الدار!

ومن الناحية العلمية والكيميائية، فإن ما نشعر به هو تفاعلات لناقلات عصبية وهرمونات يفرزها الجسم منها (السيروتونين والدوبامين) وهنا ليس المجال لشرح تأثير كل منهما على المتعة أو السعادة أو الحالة المزاجية للإنسان. ولكن من باب العلم بالشيء فإن البعض يسمي (الدوبامين) هرمون السعادة وليس ذلك بصحيح، لأنه مرتبط بالمتع المادية في الحياة فهو كمحفز أو مكافأة للقيام ببعض الأعمال والأفعال سواء الحسنة منها أو السيئة!. ولعل المهتم منا يرجع للمختصين أو المواقع الرسمية والمهنية التي تشرح أكثر عمل هذين الهرمونين.

وأما المتعة، فلها أشكال كثيرة، وصور متنوعة، وهي في الغالب مرتبطة ارتباطا وثيقا بالماديات مثل المسكن، الملبس والمأكل والمشرب، والمقتنيات والكماليات، والسفر والرحلات وغيرها.

وأما المرحلة التي أظن أننا نبحث عنها فعلا فهي ليست المتعة، ولا السعادة بل راحة البال والرضا، والوصول إلى هذه المنزلة ليس بتلك السهولة! بل تحتاج إلى تدريب طويل ومستمر وشاق على النفس، والذي يشعر بها فعليا ويعيشها هم قلة من الناس. وقد بينها عليه الصلاة والسلام حين قال: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له» ولا يعني هذا أنه لا يتألم ولا يحزن ولا يتضايق، ولكنه يعرف كيف يتعامل مع كل موقف بحسب حجمه وأثره، وتلك هي المرحلة المنشودة والمطلوبة، وسيظل التطبيق هو المحك الحقيقي؟!

abdullaghannam@