صالح بن حنيتم

اعتدنا قبل قدوم شهر رمضان على استقبال العديد من الرسائل والتهاني، منها ما يخص فضائله، والحث على اغتنام الفرص والنفحات الإيمانية، خاصة ليالي العشر الأواخر من الشهر التي فيها ليلة القدر، ليلة خير من ألف شهر، جعلنا الله وإياكم من الفائزين بها، ومن تلك الرسائل ما يحث على المسارعة في عمل الخير والبذل في الصدقات في شهر الخير، ومن أبواب العطاء المساهمة في تفطير الصائمين، فكما نعلم في ديننا الحنيف أن مَن فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، وفي المقابل نجد أصواتًا معارضة تحمل نفسًا سلبيًّا خاصة لمبادرات التفطير في المساجد بحجج عديدة، منها ما يصاحب تلك الوجبات المُعدَّة لإفطار الصائمين من إسراف، وكذلك قد يأتي إلى تلك الولائم من غير المسلمين، ولا أنسى ما قيل من الحجج الاقتصادية عن الهدر المالي عندما يتم ضرب عدد للوجبات في عدد المستفيدين الافتراضي لتكون النتيجة بملايين الريالات!! أين الهدر في تفطير الصائمين؟!

لا خلاف فيما تمّ ذِكره من أسباب تبدو منطقية، ولكن بمقياس النسبة والتناسب فوائد هذه الموائد أكبر وأهم من السلبيات التي بالإمكان تلافيها، خاصة عندما يتعامل معها القائمون على تنظيم إفطار الصائمين في مساجدنا كتغذية راجعة (feedback)، وكدروس مستفادة للتطوير من التجارب السابقة.

عندما سأل الصحابة النبي «صلى الله عليه وسلم» أيُّ الإسلام خير؟ أي: أيّ آداب الإسلام أو أيّ خصال أهله أفضل؟ فأجاب النبي «صلى الله عليه وسلم»: إطعام الطعام وإفشاء السلام على مَن عرفت ومَن لا تعرف ولم يحدد الديانة في الإطعام!

تفطير الصائمين من الأعمال العظيمة، كما ذكر فضيلة الشيخ سعد الخثلان حول من يزهّد الناس في أعمال الخير بما في ذلك التفطير، قال ما معناه: للأسف هناك من يزهد الناس في تفطير الصائمين بحجة التبذير، ويزهد الناس في العمرة بحجة مزاحمة الناس، وفي الأضحية بحجة وفرة اللحوم، وفي صيام عاشوراء بحجج واهية، وفيما يخص مشاركة تلك الموائد من غير المسلمين، قال: لا مانع لما فيه خير وتأليف لقلوبهم.

فمن لا يريد أن يساهم في هذا العمل الخيري لسبب أو لآخر، أحرار ولكن لا ينبغي أن يقفوا ضد فعل الخير وأهله، فبلدنا بلد خير وعُرف عنه الدعم والعطاء والمساهمة في المشاريع الخيرية داخل حدود الوطن وخارجه على المستوى الرسمي، وبنفس درجة حب العطاء، نجد ذلك على مستوى الأفراد الذين عُرف عنهم المبادرة مع كل نداء من ولاة الأمر، والتفاعل الإيجابي عبر المنصات الرسمية، وهذا دليل وجود الخير في بلد الخير وأهله.

ولا ننسى أن مثل هذه الموائد تُعدُّ من عوامل القوى الناعمة المؤثرة في الدنيا والآخرة، فلا نقف عن مواصلة توفير موائد الإفطار في شهر رمضان؛ لأن هناك مَن يرى بها بعض السلبيات.

Saleh_hunaitem@