اليوم- طاهر عبد العزيز

تشتد المعركة ويحمى القتال بين المسلمين والفريق المتحارب معهم، يزداد عدد الجرحى ويتساقط المصابين من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم)، معرضين بذلك لفقد حياتهم وسط تلاحم السيوف ودبيب الخيل.

ووسط كل الأجواء الدامية، ترتفع راية خيمة السيدة رفيدة بالقرب من معسكر المسلمين، منادية باستقبال المصابين والجرحى لعلاجهم وتطبيب جراحهم.

وداخل الخيمة تعمل رفيدة الأسلمية مع فريقها من الممرضات كخلية شديدة النشاط، لمداواة كل من يرد إليهم من أرض المعركة، مستمرين في عملهم حتى بعد انتهاء المعركة بأيام ليتأكدوا من سلامة المصابين ومغادرتهم بأمان.

سليلة أطباء

نشأت رفيدة الأسلمية في بيت عُرف عنه أن له باعًا في التطبيب والعلاج، فكان أبوها، سعد الأسلمي الخزرجي طبيبًا ماهرًا، نقل علومه إلى ابنته التي تعلمت منه مهارته وبنت عليها.

واكتسبت رفيدة في بيت والدها الكثير من معرفتها الطبية وهي تكبر إلى جانبه، بعد أن استهوتها حرفة التطبيب ومداواة المرضى، حتى أكملت الطريق خلفًا لأبيها بعد رحيله.



وخلال فترة تواجدها في يثرب قبل دخول الإسلام كانت تتكفل بعلاج المرضى ومساعدة المعاقين، حتى كان التحول الأبرز في حياتها لما وصلت دعوة الدين الإسلامي إلى بلدها ومن بعدها قدم النبي مهاجرًا من مكة لتبدأ رحلتها في التطبيب الميداني.

من السلم للميدان

كانت السيدة رفيدة الأسلمية من أوليات النساء المبايعات للنبي بعد وصوله إلى المدينة، والداخلات في دين الإسلام.

ومع إيذان النبي بدخول المسلمين مرحلة الجهاد دفاعًا عن الدين، بدأت السيدة رفيدة طريقها كأول طبيبة ميدانية في الإسلام.

ورافقت السيدة رفيدة النبي خلال غزواته التي خاضها، فكانت تتنقل مع الجيش حاملة خيمتها وأدواتها الطبية على ظهور الجمال، حتى تقيم مشفاها الميداني قرب معسكرات المسلمين، لتكون أسرع في تطبيبهم.

جهودها في الخندق وخيبر

من الغزوات التي شهدتها رففيدة الأسلمية، معركتي الخندق وخيبر، وأبلت فيهما حسنًا وكان لها تأثير كبير فيهما.

ومما يدل على ذلك أن النبي أسهم لها في خيبر بسهم كالرجال المقاتلين، لا تنقص عنهم فيه شيء، ولما أصيب سعد بن معاذ في الخندق أمر النبي الصحابة أن يحولوه إلى خيمة رفيدة لإسعافه.

أسهمت جهود رفيدة الأسلمية في غزوة الخندق في الحفاظ على حياة عدد من المقاتلين المسلمين- اليوم

معلمة الممرضات

لم تكتفي السيدة رفيدة الأسلمية بما تجيده من الطب ووصلت إليه من احتراف عالي المستوى في علاج المرضى والمصابين من المسلمين في المدينة.

نقلت رفيدة الأسلمية علومها لعدد من الصحابيات بينهن زوجات النبي- صفحة الأزهر الشريف على تويتر


فكانت تستعين بنساء المسلمين يساعدنها في مداواة المرضى والجرحى، وكانت تعلمهن ما تحترفه من الطب، حتى أنها أنتجت 7 طبيبات غيرها في عصر النبي والصحابة، تعلمن منها وسرن على نهجها يداوين العليل ويطببن المريض، لتحافظ بذلك على رسالتها ووالدها من قبلها في تخفيف آلام الأعلاء وتطبيب المصابين.