لافتة للنظر هي الأرقام التي كشفتها هيئة السوق المالية السعودية في النشرة الإحصائية للربع الرابع لعام 2022، حيث تكشف الأرقام عن تطور ملحوظ في حجم سوق الأسهم السعودية من حيث عدد الشركات المدرجة، وصناديق الاستثمار، والمستثمرين الأفراد، كما أنها تكشف في الوقت ذاته عن تطور واضح ومستمر في السوق المالية من حيث حوكمة الشركات.
تعتبر أسواق الأسهم واحدة من أكثر الأوعية الاستثمارية حيوية ومرونة، كما أنها باتت تتصدر في عالمنا اليوم اهتمامات المستثمرين بمختلف شرائحهم... فيما تعتبر سوق الأسهم السعودية (بلغة الأرقام) واحدة من أكثر أسواق الأسهم نموا وتطورا وجاذبية في العالم أجمع، وهو الأمر الذي تبرهنه الأرقام الحديثة التي كشفت عنها النشرة الإحصائية للربع الرابع من 2022.
سأتوقف معكم أمام جملة من الأرقام التي كشفت عنها هذه النشرة الإحصائية قبل أن أعود للتعليق عليها، حيث أظهرت بيانات النشرة زيادة عدد الشركات المدرجة في سوق الأسهم الرئيسة إلى 223 شركة مدرجة في الربع الرابع 2022، بارتفاع نسبته 6%، مقارنة بـ 210 شركات في الربع الرابع عام 2021م، فيما بلغ عدد الشركات المدرجة بالسوق الموازية (نمو) 46 شركة مدرجة، وبزيادة قدرها 229%، مقارنة بـ 14 شركة في الربع الرابع 2021.
وفيما يخص قيم الملكية في سوق الأسهم، ارتفعت قيمة ملكية المستثمرين الأجانب المؤهلين للاستثمار في سوق الأسهم بنسبة 10% إلى 270.97 مليار ريال في الربع الرابع 2022، مقارنة بـ 245.9 مليار ريال في الربع الرابع عام 2021، فيما ارتفعت نسبة ملكية المستثمرين المؤسسيين في السوق الرئيسة إلى 96.2% في الربع الرابع عام 2022، مقارنة بـ 95.84% في الربع الرابع 2021.
وارتفع عدد الصناديق بنسبة 25% في الربع الرابع 2022، مقارنة بالربع الرابع عام 2021م لتصل إلى 941 صندوقا استثماريا، مسجلة بذلك رقما قياسيا جديدا، هو الأعلى تاريخيا، حيث بلغ عدد الصناديق العامة 255 صندوقا، وعدد الصناديق الخاصة 686 صندوقا، كما ارتفع عدد المشتركين في كل من الصناديق الاستثمارية العامة والخاصة بنسبة 26% إلى 677.155 مشتركا في الربع الرابع 2022.
ووصلت قيم أصول المحافظ المدارة إلى 265.22 مليار ريال في الربع الرابع 2022، وبارتفاع نسبته 13% مقارنة بـ 234.78 مليار ريال في الربع الرابع 2021، واستحوذت الأسهم المحلية على 46% منها، بينما كان نصيب صناديق الاستثمار 23%، فيما حققت مؤسسات السوق المالية المرخص لها صافي دخل بلغ 2.1 مليار ريال في الربع الرابع 2022م (الأعلى في تاريخها)، بزيادة قدرها 61.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
هذه الأرقام تكشف من وجهة نظري ثلاث ركائز مهمة، الأولى أن السوق المالية السعودية باتت واحدة من أكثر الأسواق جذبا، والدليل على ذلك ارتفاع حجم الاستثمار في هذه السوق، سواء كان ذلك على صعيد المستثمرين المحليين أو المستثمرين الدوليين، فيما تأتي الركيزة الثانية على صعيد زيادة عمق السوق بشكل ملحوظ وبشكل متواصل، بدءا من إدراج عملاق صناعة النفط العالمي «أرامكو السعودية»، ووصولا إلى حجم الشركات المطروحة خلال العام 2022.
والركيزة الثالثة هي حجم التطور الملفت في حوكمة الشركات وتفعيل الجمعيات العمومية بشكل إلكتروني، واتخاذ المساهمين لجملة من القرارات المهمة في هذه الجمعيات، حيث يعزز ذلك من حجم الشفافية ويرفع في الوقت ذاته من فرص جاذبية السوق المالية ونموها.