مطلق العنزي يكتب:

الخطأ الفادح الذي يسيطر على ذهنية الحيوان الاستهلاكي، المسمى بالإنسان، هو أن الأفلام الوثائقية تعرض الحقائق والأسرار وأن المنتجين هؤلاء ينذرون أنفسهم في سبيل المعرفة، ويتهيأ لاستهلاك الأفلام الوثائقية على أنها تنوير وعلم. وهذا خطأ وضلال وتدليس مبين.

ملاحظة: أتحدث عن الأفلام الوثائقية أما المسلسلات التليفزيونية والأفلام السينمائية، فهذه نشاط واسع من التلفيق والترفيه، والحقيقة فيها أحيانا تقتصر على الأسماء فقط.

ويتعيّن علينا أن نفقه التعامل مع الوثائقيات، بحذر أشد من التعامل مع التاريخ ومزوراته وتلفيقاته ومقاصله وخناجره. ذلك أن الأفلام الوثائقية توجد فيها الكثير من الثقوب والزوايا والأبواب الخلفية التي تهرب منها الحقيقة ويمكن فيها التدليس ببساطة وبحجج بالغة.

وأولى مهمات التدقيق هي هدف الكاتب والممول وهوية المنتج وهوية الناشر، الأغلب الهدف تجاري، أما إذا الهدف إيديولوجيا فالفيلم سيكون دعائيًا متحيزًا يروّج لأحداث بعينها وشخصيات ويعرض بشخصيات أخرى.

وحتى لو كان الفيلم الوثائقي بريئا من التدليس والدعاية، تظهر مشاكل أخرى هي قدرة الباحثين وميولهم ومدى معارفهم، وتخصص مقدم البرنامج والمحررين في الموضوع، أيضًا المخرج وميوله والتصوير وساعات التصوير وإمكاناته، ووقت العرض. كل هذه العوامل تضغط على الحقيقة في الأفلام الوثائقية، لهذا تمثل مسرحًا أوسع للتضليل، إذ يعتمدها الجمهور ناطقة بالحقيقة، وتدعم هذه الفكرة بتصوير متقن وأماكن وزوايا ومناخات وتقاطيع جغرافيا، وصوت شجي مسرحي في التقديم. كل هذا يحمل المتلقي على التأثر بإبداع الصورة والإنتاج (وأحيانًا الانبهار) أكثر من اهتمامه بصحة المعلومات. وهنا يكون قد بلع الطعم وبلغ الفيلم منتهاه وغايته.

وأحيانًا لا يكون التدليس مقصودًا ويحدث بسبب القصور المهني أو المالي وضيق الوقت أو الضغط المتعسف لأحداث سنين طوال لتعرض في 10 دقائق أو أقل.

والأخطر أن كليات الإعلام لا توعي طلابها ولا تثقفهم، أولًا بالمشاهدة الواعية للوثائقيات. فهذه برأيي مهمة ومن أولى مهمات الكليات. وثانيًا توعيهم بثقل المسؤولية الأدبية والمهنية والأخلاقية حين الشروع بالتفكير في إنتاج الأفلام الوثائقية. فهي ليست مجرد فكرة أو نزوة.

وتر

سلام للوالدين، وسلام لكل والدين..

من رمضان لرمضان.. وكل رمضان

السلام عليهم.. في القبور..

والسلام عليهم في القلوب..

والسلام عليهم يوم يبعثون..

@malanzi3