سامي الجاسم

عندما يأتي رمضان أتذكر بلهفة وشوق، والدي ووالدتي «رحمهما الله»، فقد كان الاجتماع بهما في هذا الشهر الفضيل متكررًا ويحمل ذكريات كبيرة، حيث متعة مشاركتهما وجبة الفطور أو السحور وقضاء أوقات لا تُنسى باقية في الذاكرة والروح.

كانت أيامًا لها قيمتها وأثرها في النفس؛ إذ إن أجمل ما يميّز ليالي رمضان الحرص على بر الوالدين وزيارتهما وبر الأقارب والأصدقاء.

يأتي رمضان ليكسر حاجز التواصل الرتيب والبارد عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى تواصل حي ومباشر، خلال الشهر الفضيل.

ما يميز ليالي رمضان أنها تحطم ذلك الحاجز الذي أوجدناه بيننا وبين الآخرين، حيث لا تواصل ولا لقاءات على مدار العام بسبب حجج مختلقة ومصطنعة، فيأتي رمضان ليجمع هذا الشتات والتباعد بين مختلف الأسر والعائلات، على مائدة واحدة، في دلالة على التكاتف والتراحم الأسري.

فرص التواصل الكبيرة التي يوجدها هذا الشهر الكريم تظهر قيما كبيرة وعظيمة كالبر والوصل والمحبة والنبل لتسمو بنا بعيدًا عن القِيَم السيئة التي لا نريدها كالجحود والقطيعة والنكران، فيكون ذلك تعزيزًا للقيم السامية وحدها، وكل لقاء هو ترجمة حقيقية لمشاعر الحب بالقلوب التي كان البُعد القسري لا يظهرها ولا يساعد على ترجمة مشاعرها، حيث شعور النبل الذي يجمع الآباء والأمهات والأبناء والبنات والإخوة والأخوات.

رمضان بكل مميزاته وفضائله وروحانياته الإيمانية يمضي سريعًا وكأنه لم يأتِ.

تعلقنا برمضان تعلقا وجدانيا وروحيا ليس لأن فيه فريضة الصوم فقط، بل للقيم الكبيرة التي يعلمنا إياها ويغرسها في نفوسنا، فيجعلها عامرة بالإيمان والتقوى وبالخلق الحسن.

رمضان قيمته ليست فقط في أكله وشربه وتنوّع قائمة طعامه، بل في القيمة التي يوجدها في سلوكك ونهجك وعملك وتقديرك لدورك المجتمعي والأسري فيه.

في رمضان نسترجع أشياء كثيرة فقدناها، وأعمالا كبيرة لم نعُد نمارسها، وعبادات فرطنا فيها، حيث إن في رمضان القليل الذي يعطيك الكثير ويجعل شخصيتك الإنسانية والمجتمعية حاضرة لا تغيب.

رمضان عاد بنا للذكريات التي تتجدد بقدومه، وللكثير من العادات الحسنة التي أهملناها مع أنها بسيطة وسهلة.