خالد الشنيبر

@Khaled_Bn_Moh

في الأسبوع الماضي أعلنت هيئة الإحصاء عن إحصاءات سوق العمل للربع الرابع من عام 2022م، وعكست المؤشرات إيجابية الإصلاحات التي تم تطبيقها على سوق العمل خاصة من بعد فترة أزمة فيروس الكورونا، والتي كانت قاسية على جميع أطراف سوق العمل، مع التحدي الكبير لمواجهتها والخروج منها، وفي هذا المقال سأتطرق لبعض المؤشرات التي أتابعها بشكل دوري.

في البداية، أحد أهم المؤشرات التي لا تتطرق له وتبرزه وسائل الإعلام هو معدل البطالة للسكان، وشخصيا أعتبر هذا المؤشر من المؤشرات المهمة الذي يعكس التوجهات الاقتصادية التي تعمل عليها المملكة، ونلاحظ من خلال مؤشرات النشرة أن هذا المؤشر استمر بالانخفاض بشكل واضح حتى وصل إلى ما يقارب 4.8% في الربع الرابع من عام 2022م، مما يؤكد على متانة الإصلاحات التي تم تطبيقها في سوق العمل بالمملكة، والتي تشيد بها بشكل مستمر معاهد ومنظمات عالمية مختصة في الاقتصاد وأسواق العمل.

معدل المشاركة في القوى العاملة للسعوديين استقر عند 52.5%، ومعدل البطالة للسعوديين وصل إلى مستوى قياسي عند 8% بانخفاض مقداره 1.9 نقطة مئوية مقارنة بالربع الثالث من عام 2022م، وانخفاض مقداره 3 نقاط مئوية مقارنة مع الربع الرابع من عام 2021م، وهذا يعتبر مؤشرا إيجابيا يعكس متانة العديد من القرارات التي تم تطبيقها على سوق العمل مؤخرا وأهمها قرارات التوطين النوعية التي ركزت عليها وزارة الموارد البشرية، وكوجهة نظر شخصية أرى أن الفترة الحالية وحتى عام 2025م تعتبر تحديا كبيرا للمحافظة على مستويات بطالة ما بين 8% - 9%.

معدل بطالة السعوديين «الذكور» انخفض بمقدار 0.1 نقطة مئوية بالمقارنة مع الربع السابق ليصل إلى 4.2.%، وفيما يخص «الإناث» انخفض معدل البطالة إلى 15.4% مقارنة بـ 20.5% في الربع الثالث من هذا العام، وهذا الانخفاض يعتبر أعلى انخفاض في بطالة الإناث تم تسجيله بالإضافة لأقل معدل للبطالة تم تسجيله للذكور.

من المؤشرات المهمة في النشرة نجد أن 94.1% من المتعطلين السعوديين لديهم الرغبة بالعمل في القطاع الخاص في ارتفاع مقداره 0.8 نقطة مئوية مقارنة بالربع الثالث من عام 2022م، ونجد أن ما يقارب 89.1% من الذكور السعوديين المتعطلين، وما يقارب 73% من الإناث السعوديات المتعطلات سيقبلن العمل لمدة ثماني ساعات أو أكثر في اليوم الواحد، وهذه المؤشرات مهمة لأصحاب القرار قبل التوجه لتطبيق أي تعديلات على مواد نظام العمل الحالي، والتي أرى أنها لا تستدعي أي تغييرات، ومن المفترض أن تكون الخطوة التالية بالتركيز على رفع الإنتاجية ورفع مستويات استخدام التقنية، وبعدها السوق يحدد مساره «كتخفيض ساعات العمل على سبيل المثال».

وفقا لمعدلات البطالة للسعوديين حسب المستوى التعليمي، نجد أنها ما زالت ترتفع في التعليم الثانوي للذكور، والإناث نجد أنها تتركز بشكل كبير على الحاصلين على البكالوريوس أو ما يعادلها، وما زلت أرى الأهمية لتطبيق برامج لتحويل المسار التخصصي للمتعطلين عن العمل في التخصصات التي تشبع منها السوق لتجنب الهدر في استثمارات التعليم، وهذا الملف لو ركزت عليه وزارتا الصناعة والسياحة فسنشهد تحولا جذريا كبيرا في سوق العمل.

وفقا للمناطق الإدارية، نجد أن بطالة السعوديين في مناطق الرياض والشرقية ومكة المكرمة سجلت أقل من المعدل العام لبطالة السعوديين «الرياض 6.7%، الشرقية 6.9%، مكة المكرمة 7%»، وأعلى معدلات البطالة نجدها في منطقتي المدينة المنورة وجازان «المدينة المنورة 12.2%، جازان 11%»، وما زلت أرى أهمية لتفعيل دور لجان التوطين المناطقي في جميع مناطق المملكة واستغلال الميز التنافسية للمناطق.

ختاما، نجحنا في تحقيق مؤشرات مميزة في سوق العمل وبوقت قياسي، وشخصيا أعتبر المحافظة على تلك المؤشرات ليست بالأمر السهل، ولذلك من المهم الحذر والتريث عند تفكير أصحاب القرار في أي تغيير في نظام العمل حتى لا ندخل في دوامة تشوهات تتضرر منها منشآت القطاع الخاص.