د. نورة الهديب

- بالرغم من توافر النِّعَم وسُبُلها إلا أن البعض -مع الأسف- ما زال يتذمر من توافه الأمور التي يختلف مقدارها بين أهل الجهل والحكمة. ما زلنا نعيش بين هؤلاء الذين يتذمرون، وإذا ذُكِّروا بوجود النعمة استغفروا، ثم عادوا وتذمّروا من جديد، وهكذا. وكأن التذمر أصبح بالنسبة لهم أسلوب حياة يُشعرهم بالأهمية بشكل أو بآخر. كيف ذلك؟ القاعدة الفطرية التي تُستدام بها النِّعَم هي الشكر والحمد، ولكن ما شذ عن ذلك قد يُكسِب صاحبها قضية يُعرف بها «خالف تُعرف».

- ما المقصود؟ إذا تأمل الإنسان نفسه ومحيطه وتفكّر وتدبّر فسوف يعرف أن كل ما ينقصه ما هو إلا نتيجة تقصير منه وتعطيل، إما بالقول أو العمل. ولكن العجلة في ابتغاء الحاجات تجعله يطيل الحسرة فيها، ويُبدع في نشر حسرته بالتّذمر ليُلفت انتباه الآخرين بطريقة أو بأخرى. لماذا؟؛ لأنه يُفكّر بطريقة حمقاء والمُتعارف عليها عند أهل الجهل، والتي انتشرت مؤخرًا مع تعدد وسائل التواصل الاجتماعي.

- هل هذه مشكلة تربوية أو نفسية؟ بل إنها مُشكلة فكرية قبل أن تكون تربوية أو نفسية؛ لأن الإنسان المُتذمر يتبع طريقة سطحية في التفكير وليست له القدرة على تقدير ذاته وما يحيط بها. فالتّذمر نتيجة لأفكار عامة لا تحليل فيها ولا ربط؛ لذلك فإن المعادلة فيها غير صحيحة ونتيجتها تعود لصاحبها بالسلبية.

- كيف نُصحح ذلك؟ بتشغيل وظائف العقل بالشكل الصحيح، والتركيز على استشعار النِّعَم المحيطة أولًا. ثم عكس طريقة التفكير أو محاولة استجماع المعلومات المتعلقة بمشاعر التذمر، وإعادة تحليلها، وربطها؛ للوصول إلى نتيجة ترفع من مستوى الوعي عند صاحبها. وأيضًا، الاطلاع والتأمل والمقارنة بين الأحوال المحيطة؛ لأن فيها من العِبَر ما يوسّع مدارك العقل ووعيه.

@FofKEDL