د. لمياء البراهيم

رمضان المبارك شهر يتسابق فيه المسلمون للخير والإحسان، وقد انحسرت ظاهرة «التسول» مقارنة بالسابق في الأسواق وإشارات المرور وأمام المساجد إلا أنه لا يزال البعض من أفراد أو حتى جمعيات خيرية يرسلون للتبرع المباشر لحساباتهم مستغلين ضعف الوعي المجتمعي ومتجاهلين المنصات الرسمية لجمع التبرعات وتوجيهها للمحتاجين كمنصتي «إحسان» و«فرجت»، والتكسب من خلال التسول تطور لأساليب عبر الفضاء الرقمي مستغلا في ذلك الأطفال والنساء والمدمنين والمحتالين والانتهازيين والخارجين على القانون بمن فيهم الإرهابيون، لهذا ينبغي تكثيف التوعية المجتمعية لتنظم العلاقات الإنسانية وأوجه الخير في عملية تبادل الأموال بين الأفراد بصورة قانونية مشروعة مبنية على السبب والغاية والهدف، وتقديم المال مقابل عوض منطقي، سواء كان منتجا أو خدمة، وتجنب الصور المشبوهة في جمع الأموال من ذلك الوعود أو الهدايا أو الجوائز بما فيها ما يمنح عبر وسائل التواصل، ونذكر بنظام مكافحة التسول الصادر بمرسوم ملكي رقم (م/20) وتاريخ 1443/2/9هـ والذي عرَّف التسول بأنه الاستجداء للحصول على مال الغير دون مقابل أو بمقابل غير مقصود بذاته نقدا أو عينا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في الأماكن العامة أو المحال الخاصة أو في وسائل التقنية والتواصل الحديثة أو بأي وسيلة كانت، وذكر النظام أن التسول قد يتحول من سلوك إلى مهنة لمن يقبض عليه للمرة الثانية أو أكثر يمارس التسول، وحدد النظام أدوار الجهات الحكومية المعنية بمكافحة التسول وهي وزارة الداخلية للقبض على المتسولين ومن يشغّلهم، ورسم أدوار وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتقوم بما يلي: دراسة الحالة الاجتماعية والصحية والنفسية والاقتصادية للمتسولين السعوديين وتقديم الخدمات لهم بحسب الاحتياج، إرشاد المتسولين السعوديين للاستفادة من الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية والأهلية والخيرية ومتابعتهم من خلال الرعاية اللاحقة، إنشاء قاعدة بيانات للمتسولين بالاشتراك مع وزارة الداخلية وتسجيل كل حالة تسول يتم القبض عليها أو تقديم الخدمات المنصوص عليها لإثبات ممتهني التسول، نشر الوعي بمخاطر التسول النفسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، إعداد الدراسات والبحوث وعقد الندوات والمؤتمرات ذات العلاقة بمكافحة التسول، المجتمع شريك أساسي في الحد من التسول، حيث يعاقب كل من يمتهن التسول ومن يحرض عليه ومن يساعده بأي صورة كانت فردا كان أو جماعة منظمة بالسجن أو بالغرامة أو كليهما، ويبعد عن المملكة كل من عوقب من غير السعوديين عدا زوجة المواطن أو زوج المواطنة وأولادها، ويمنعون من دخول المملكة إلا للحج والعمرة، كما تصادر بحكم قضائي جميع الأموال النقدية والعينية التي حصل عليها المتسول من تسوله أو التي من شأنها أن تستعمل فيه، ويؤكد النظام أن التسول مهما كانت صوره جريمة وتكرارها يضاعف العقوبة وتتولى النيابة العامة التحقيق في المخالفات وإقامة الدعوى في المحكمة المختصة، من صور التسول التي تنتشر حاليا في وسائل التواصل استجداء سداد الفواتير كفواتير الكهرباء أو التبرع للإفراج عن المساجين، ولا نمنع سبل الخير لكن المساعدة للمحتاجين هي من خلال الجمعيات والجهات الرسمية أولا، وإرشاد المحتاجين للخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية وغير الربحية، ومتابعتهم بالرعاية اللاحقة، وعيك بصور التسول والحد منه سيساهم في الأمن المجتمعي والوطني، ويمنع تشجيع الكسالى والاتكاليين، وانتشار الأمراض النفسية والانحرافات الأخلاقية وترويج المخدرات تحت ستار التسول.

@DrLalibrahim