اليوم- طاهر عبد العزيز

لمقام نسيبة بنت كعب خير من مقام فلان وفلان شهد النبي بهذا لأم عمارة بتفرد مقامها ورفعتها في الإسلام، حين رأى حسن بلاءها في غزوة أُحد، وقد دافعت عن النبي بسيفها وقوسها حين فر جمع من جيش المسلمين، حتى مع انهيال ضربات المشركين عليها.

كانت نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف الخزرجية من أوائل النساء وأحسنهن إسلامًا، وهبت حياتها للدفاع عن دين الله ونشره والذود عن نبيه بكل ما تملك، من نفس ومال وولد، فعاشت حياتها مجاهدة محتسبة، عظيمة الأثر في إقامة دولة الإسلام ونشر الدعوة لدين الله.

نسيبة ونشر الإسلام

كانت نسيبة بنت كعب من أوائل المسلمات في يثرب، فهي وأم منيع حضرتا بيعة العقبة الثانية من النساء فقط، حين بايعتا النبي مع الرجال على أن يؤتوه عهدهم وذممهم وأن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأهليهم.

وحين عودة نسيبة إلى بلدها شاركت في تهيأة أجواء المدينة ونفوس ساكنيها لقبول الدين الإسلامي الجديد، فأخذت تدعو الناس مع رفيقتها أم منيع منذ بيعتهما وحتى هجرة النبي.

وداومت نسيبة مع المسلمين من أهل المدينة على تعبئة الجو العام اليثربي، وتهيئته للإسلام حتى كانت الهجرة، فكان المجتمع مستعدًا لتكوين وإقامة الدولة الإسلامية.



المدافعة عن النبي حين فر الرجال

اشتدت في يثرب قوة الدولة الإسلامية وقويت شوكتها، وأخذ المسلمون ينطلقون في الغزوات دفاعًا عن دين الله من المعتدين، وشاركت نسيبة في تلك الغزوات مع النبي ما استطاعت.

وفي أحد أبلت حسنًا حين انهزم المسلمون وبدأت جموع منهم في الفرار، ثبتت نسيبة مع من ثبتوا جوار النبي وأخذت تدافع عنه بنفسها وولدها، حتى أصيبت بـ 12 جرحًا بين ضربة سيف وسهم.

ينقل عن أم عمارة قولها في ذلك: خرجت أول النهار إلى أحد وأنا أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله، فجعلت أباشر القتال وأذب عنه وهو في أصحابه، والدولة للمسلمين، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله فجعلت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف وأرمي بالقوس حتى خلصت إلي الجراح.

المضحية بولدها

حين وقفت نيسبة بنت كعب مع ولدها عبد الله في أحد بجوار النبي مدافعين عنه مع قلة من الصحابة، أخذت الضربات تنهال عليهما، فأصيبا إصابات بالغة، وكان ابنها من أكثر المقاتلين إصابة حينذاك فأخذت تمرضه وتضمده، حتى إذا اطمأنت عليه قالت: انهض بني فضارب القوم.

وحين رأى النبي تلك التضحية من نسيبة والفداء من ابنها، دعا لهما: بارك الله عليكما من أهل البيت ورحمكما الله، اللهم اجعلهما رفقائي في الجنة.

واستمرت تشجع ابنها على القتال في سبيل الله حتى استشهد في معركة المسلمين مع جيش مسلمة، وما بلغها خبره قالت: لمثل هذا أعددته وعند الله أحتسبه.

ترجل مقاتلة

ظلت نسيبة على حالها في المشاركة مع المسلمين في الغزوات في حياة النبي، والفتوحات بعد وفاته، تسقي الجيش وتمرضهم وتضمد جراح المصاب من المقاتلين.

ثم كانت معركة اليمامة في عهد أبي بكر الصديق التي خاضها جيش المسلمين ضمن حروب الردة، فأبلت فيها حسنًا، حتى أذن لها بالشهادة في ذات المعركة، فقتلت نسيبة فيها، لترتجل فارسة وتلقى ربها سنة 13 هـ.