قال مختصون، إن الدراسة حضوريًا خلال شهر رمضان لن تحقق أهدافها إلا بتعاون القائمين على التعليم في المملكة وأولياء الأمور والطلاب، مشيرين إلى الكثير من الأسر يرفضون التغير ويزرعون في أبنائهم أن شهر رمضان للعبادة فقط دون القيام بأي مهام أخرى سواء دراسة أو غيرها.
وطالب المختصون في حديثهم لـاليوم، أنه في حال تزامن الدراسة مع شهر رمضان في الأعوام القادمة يجب تحديد أهداف محددة للدراسة، وتنظيم الوقت والمهام بشكل جيد، والحرص على الصحة النفسية والجسدية، والتعاون مع الأهل والأصدقاء لتحقيق النجاح واستطلاع أراء للطلاب وأولياء أمورهم للوصل إلى أقصى درجات النجاح بتحقيق الأهداف من الدراسة في رمضان.
قال أستاذ الإدارة التربوية والتخطيط المساعد في كلية التربية بجامعة طيبة د. بدر سالم شارع البدراني، إن التعليم ومجرياته ما بين مدخلات وعمليات تنتج عنها مخرجات، يحدد مزايا ومواصفات هذه المخرجات، بل ويحدد كفاءة وجودة هذه المخرجات النظام الرسمي للتعليم المتكامل مع الأنشطة الأخرى في الدولة، ومن أهمها؛ بل يترأسها النشاط الاقتصادي في البلد.
دراسة مستفيضة
وأضاف: لكي نحكم على مدى جودة استمرارية التعليم في شهر رمضان المبارك وهل كان من المناسب أن يكون هناك إجازة أم لا، فهذا لا يأتي بناءً على رغبة، أو توجه أو ميول شخصية أو عدم تخطيط. بل الحكم المنطقي يأتي وفق دراسات علمية يتم إجراؤها على التحصيل الدراسي الذي كان في هذا الشهر المبارك، وهل نتائج التعليم خلاله تكاد تكون غائبة بعد العودة للدراسة، وهل مستويات أخرى كالاقتصاد والأمور المجتمعية كانت متأثرة خلال هذا الشهر أم أنها كانت كما في الأشهر التي قبله، أما أنها كانت في تقدم، وفي أفضلية عما قبله.
وأوضح البدراني، أن سياسة اقتصاديات التعليم في الدولة تقوم على محور كفاءة الإنفاق، ومحور التحصيل العلمي، ومحور الناتج الاقتصادي، وجميعها محاور أصبحت مرتبطة ببعضها البعض، والتأثير على أحدها قد يؤثر على البقية؛ إلا إذا جرى إجراء الدراسة وتم التأكد من عدم وجود تأثير سلبي ولو بنسبة 1%، فهذه النسبة في المخرجات، وفي التحصيل العلمي، وفي الناتج الاقتصادي، لا يُستهان بها، إ1 إن توقيت هذا الرأي مبني على توقيت التوصل إلى الكفاءة في العملية التعليمية خلال الشهر هل تأثرت سلبًا، أم إيجابًا، أم أنها كانت دراسة مستمرة دون أي تأثر سواء سلبي أو إيجابي.
إشادة بقرار استمرار الدراسة
أشادت الباحثة الاجتماعية د.مها الجهني، بقرار وزارة التعليم باستمرار الدراسة حضوريًا خلال شهر رمضان، إذ عملت الوزارة على متابعة حضور الطلاب والطالبات يوميًا، وذلك لم يكن كافيًا إلا بتكاتف وتعاون الأسرة بالحد من الغياب وتقليل الرسائل السلبية بهذ الأمر.
وأضافت الجهني : من وجهة نظري الدراسة في شهر رمضان تعتبر تحديًا للطلاب والطالبات، إذ يحتاجون إلى إدارة وقتهم بشكل صحيح لتحقيق أقصى استفادة من الوقت المتاح لهم، موضحة أنه في حال تزامن الدراسة مع شهر رمضان في الأعوام القادمة يجب تحديد أهداف محددة للدراسة وتنظيم الوقت والمهام بشكل جيد، والحرص على الصحة النفسية والجسدية، والتعاون مع الأهل والأصدقاء لتحقيق النجاح.
تحسين التعليم في رمضان
أشارت الجهني، إلى أن وزارة التعليم يمكن أن تحسن جودة التعليم في شهر رمضان من خلال تحديد مواعيد الامتحانات بعناية وتخفيف الحمولة الدراسية وتوفير بيئة دراسية مناسبة، مثل تكييف الفصول الدراسية، وتشجيع التعاون والتراحم، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب والطالبات والمعلمين والموظفين في المدارس.
وأكدت الأكاديمية بجامعة الطائف د. أميرة الحارثي، تفاوت حضور الطلاب خلال شهر رمضان، وكذلك تفاوت نشاطهم ومستوى استيعابهم، إذ تعد هذه حقيقة علمية مثبتة بكثير من الدراسات العلمية ومنها Ramadan, fasting and educational outcomes. H. O, B. K.
السهر والإرهاق سبب غياب الطلاب
أرجعت الحارثي، أسباب غياب الطلاب خلال شهر رمضان إلى السهر ونقصان عدد ساعات النوم بشكل كبير وهو أحد أهم الأسباب للخمول والإرهاق الذي يحصل للأشخاص في رمضان، لافتة إلى أن نقصان النوم وبخاصة في الليل قد يكون بسبب العادات الاجتماعية الدارجة أو بسبب استهلاك الطعام بكميات أعلى من المتوسط بعد غروب الشمس.
وبيّنت أن أفضل الحلول يتمثل في النوم في الليل بعد الصلاة والاكتفاء بوجبة معتدلة واحدة مع أخذ قيلولة قصيرة قبل صلاة العصر، مستشهدة بالرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام فكثير من الفتوحات الإسلامية حدثت في شهر رمضان المبارك كمعركة بدر وفتح مكة.
التعايش مع الوضع الحالي
قالت المستشارة في مجال التعليم وتنمية القدرات د. تغريد السراج: إن غياب الطلاب في شهر رمضان يرجع لعدم تقبل التغيير ومستجدات التعليم، مشيرة إلى أن الكثير من الطلاب كان لديهم توقعات بإعفائهم من الدراسة في رمضان أو إلغاءها كما حدث في العام الماضي، إذ لا يقتنع الكثير منهم بالوضع الراهن سواء من الطلاب وأولياء أمورهم، معتقدين أن شهر رمضان للعبادة فقط وليس للعمل ويقل فيه التركيز.
وأضافت السراج، أن كثير من دول العالم الإسلامية وغيرها تصوم مثلنا ولم يتغير روتينها الدراسي بعكس الموجود لدينا فهناك رفض للدراسة في رمضان، إضافة إلى تكريس عدم الدراسة من أولياء الأمور لأبنائهم وبيان أن الأمر صعب، مطالبة بضرورة تقبل الجميع الوضع والتعايش معه للوصول إلى تحقيق الأهداف المنشودة.
تنظيم الوقت للدراسة والعبادة
قالت الأكاديمية عضو هيئة تدريس بجامعة الملك سعود مشاعل العبيد، إن الوضع تغير عن السابق إذ كنا في السنوات السابقة في الصفوف الدراسية كطلاب نمتلك طاقة جيدة وحماسًا للدراسة وبخاصة مع عودة الدراسة بعد الإجازات، بخلاف الوضع الحالي الذي يوجد به 3 فصول دراسية بينهما إجازات منفصلة، مشيرة إلى قِصر الإجازة بين الفصول الدراسية وعدم تجدد طاقة الأبناء.
وأضافت العبيد، أن الأسرة هي الشريك الأساسي لوضع الاقتراحات الهادفة والبنائة لأبنائهم في الصفوف الدراسية وبخاصة تنظيم الوقت، ولا سيما إذا كان في شهر عبادة، ويجب التقاء المختصين بالأسر في دائرة التخطيط ووضع القرار أمرٌ لابد منه.