الراصد لمشهد أكثر من مليونين ونصف المليون مصلٍّ، مساء ليلة التاسع والعشرين من شهر رمضان المبارك بالمسجد الحرام، الذين أدُّوا صلاة العشاء والتراويح، وحضور ختم القرآن بالمسجد الحرام، وهي من الليالي المباركة التي يتحرّى فيها ليلة القدر، في أجواء روحانية تحفّها السكينة والاطمئنان، وكيف توافد ضيوف الرحمن إلى مكة المكرمة منذ الصباح الباكر، وامتلأت جنبات وأدوار المسجد الحرام وساحاته وأروقته بالمصلين، في حركة انسيابية، والجميع في راحة آمنين وسلامة مطمئنين، فهنا نحن أمام مشهد يتجدد، ويعكس حجم الجهود العظيمة والمستديمة التي تبذلها حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء «يحفظهم الله»، في سبيل خدمة الحرمين الشريفين وكل مَن قصدهما حاجًّا أو معتمرًا أو زائرًا .
حين نُمعِن في تجنيد الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي كامل طاقاتها وإمكاناتها من خلال منظومة عمل متكاملة، حيث وفّرت خمسة آلاف عربة عادية وقرابة ثلاثة آلاف عربة كهربائية، وربطها عبر تطبيق «تنقل»، وتشغيلها عبر خُطط منهجية تتضمن تكثيف عمليات التعقيم الدوري، والإشراف على تنظيم مهام دافعي العربات، وتوفير الرئاسة مراقبين على أبواب المسجد الحرام لاستقبال المصلين وتوجيههم إلى الأماكن المخصصة لهم، وتنظيم عملية دخول وخروج المصلين وإرشادهم إلى أماكن المصليات، ومساندة رجال الأمن في تحويل وتوجيه المصلين حال امتلاء المصليات، ولحظة رصد أي تزاحم للمصلين، بالتعاون مع الجهات الأمنية، وتسخير الرئاسة التقنيات الحديثة، ووسائل الذكاء الاصطناعي؛ حيث ساندت في تنفيذ الخطط التشغيلية لعمليات التعقيم والتطهير بالمسجد الحرام؛ وعملت (11) روبورتًا ذكيًّا للتعقيم حتى (8) ساعات دون تدخّل بشري عبر خريطة مبرمجة مسبقًا لتعقيم أنحاء المسجد الحرام، و(20) بايوكير مهام التعقيم بالبخار الجاف للهواء والأسطح في آنٍ واحد، وبسرعة عالية، وبشكل فعَّال بمساحة تُقدَّر بـ(1000) متر مربع في كل ساعة، كذلك (20) جهاز تعقيم ضبابي يُستخدم لتعقيم المناطق التي يصعب الوصول لها، مثل الأسقف والأعمدة، و(600) جهاز آلي لتعقيم الأيدي حديثة وعالية الجودة، تعمل بخاصية عدم التلامس، يساندهم عدة فرق تعمل على تعقيم كافة جنبات المسجد الحرام وساحاته الخارجية، ودورات المياه بأكثر من (70) ألف لتر من المعقمات، وفق آلية عمل تراعي أعلى المعايير الصحية العالمية في تنفيذ عمليات الوقاية البيئية ومكافحة الأوبئة بالمسجد الحرام.. هذه التفاصيل الآنفة الذكر وغيرها من المشاهد المرصودة خلال الشهر الكريم جميعها تأتي كأحد أطر المشهد المتكامل للجهود التي تبذلها القيادة الحكيمة في هذه البلاد المباركة في سبيل خدمة الإسلام والمسلمين حول العالم بصورةٍ عامة، ومَن قصد الحرمين الشريفين على وجه التحديد.
المملكة العربية السعودية.. بلاد الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين حول العالم.. هنا تنزّل الوحي على الرسول الكريم محمد «صلى الله عليه وسلم»، وهنا نزل القرآن، وهنا انطلقت رسالة السلام.. خير الشهور يمضي، والكل يرجو القبول والعيد بفرحة يأتي، آمنين مطمئنين.. هنا المملكة.