إذا لم تدفع ثمن السلعة (الخدمة) فأنت السلعة (الخدمة)..
بعد أن انتقلت ملكية منصة تويتر العالمية، وتغيَّرت السياسات في التطبيق إلى ما يدعم الربحية للمالك الجديد، مع ملاحظة أثر التوجهات السياسية والدينية والاجتماعية التي قد تكون غير مقبولة وممنهجة لتغيير الفكر بحسب التوجيه والتأثير بأدوات الإعلام الناعمة، وقد سبق تغييرات منصة تويتر ما حصل في تطبيق الـ «واتس آب» بتغيير سياساته التي تمس الخصوصية، وتبادل المعلومات مع تطبيق «فيس بوك»، وما يتبع ذلك، وكان إغلاق حسابات لمسؤولين مثل دونالد ترامب إبان رئاسته الولايات المتحدة الأمريكية دليلا عن قوة تطبيقات التواصل الاجتماعي في تحريك الرأي العام، ثم إعادتهم وسحب التوثيق، وإمكانية شرائه في منصة تويتر، ومن حسابات مجهولة، وما يحدث في منصة الـ «تك توك» وغير ذلك من تطبيقات عالمية يشارك فيها السعوديون، وتحاول جذبهم كشريحة اجتماعية مؤثرة وتملك سيولة مالية.
استخدام التقنية في التواصل بات أمرًا أساسيًّا في عصرنا الحالي، ولا غنى عنه، كان على صعيد الأفراد أو المجتمعات أو المؤسسات، والشفافية والتواصل من مبادئ الحوكمة الأساسية لتحقيق الجودة في معايير الأداء ومكافحة الفساد.
وكانت جائحة كورونا من الأسباب التي سرّعت من التحوُّل الرقمي لمنصات إلكترونية وطنية مثل توكلنا، وتوكلنا خدمات، ونفاذ، وغير ذلك مما يسهل الوصول لمختلف فئات المجتمع داخل السعودية، ما عزز كذلك تصدّر المملكة المرتبة الأولى عربيًّا في الأمن السيبراني، والثالث عشر عالميًّا، ولم تغفل عن تأمين فضاء سيبراني آمن للأطفال. ولكن يبقى التحدي قائمًا في أمان التقنية ووسائل التواصل التي اقتحمت حياتنا، شئنا أم أبينا، وخدمتنا من جوانب، ولكن هددت خصوصيتنا من جوانب أخرى، إضافة لتأثيرها على الرأي العام من مفاهيم وسلوك وممارسات إيجابًا أو سلبًا.
وهذا ما يحتم أن تكون هناك منصة سعودية آمنة تربط بين المسؤول والمواطن والمقيم، وضمن اللائحة التنفيذية لنشاط النشر الإلكتروني من وزارة الإعلام؛ لتعلن فيها وتجنّب الناس سوء استخدام هذه المنصات، ولو اختار استخدام اسم مستعار لخصوصيته الشخصية، ولكن مع تحمّل مسؤولية الحساب وما يُطرح فيه.
ويمكن كذلك أن يُسمح في المنصة بدخول المعروفين من خارج المملكة مَن يعرّف نفسه باسمه وصورته أو شهرته بما يجعله مسؤولًا عما يطرحه مع كامل الحقوق للمنصة السعودية.
ولو احتوت هذه المنصة على حسابات التواصل للجهات الحكومية، وقطاع الأعمال والقطاع غير الربحي، فسيقبل الناس عليها للتواصل ومعرفة الأخبار والمعلومات، وحتى التقييم بصورة ملائمة ومسؤولة تحسّن من خدماتها، كما يمكن من خلال المنصة السعودية أن تكون بمثابة منبر إعلامي مشجّع للمواهب، والمتخصصين ليكتبوا في بيئة آمنة من الهجمات الإلكترونية المجهولة، وبأجندات معادية، وأن تُستخدم لاستطلاع الرأي بمصداقية تمثّل الشريحة المستهدفة يُستفاد منها في التخطيط وصناعة القرار، ويمكن للمنصة تأمين نفقاتها وتشغيلها من خلال رسوم التسجيل والتوثيق من الجهات الرسمية، والتوثيق من الأفراد (اختياريًّا)، وكذلك من الإعلانات التي ستكون أكثر موثوقية وارتباطًا بالهيئات الرسمية.