سالم اليامي يكتب:

موجع هذا العيد الذي نستقبله نحن العرب بجرح جديد، هذا العيد العالم فيه يتوسل الممسكين بالسلاح على أرض السودان بأن يمنحوا الناس بعض الوقت في أيام الفرح لكي يدفنوا موتاهم ويجلبوا بعض الماء النظيف والدواء الشحيح لمرضاهم. انطلاق الصراع في السودان وبالسلاح يعود بالبلاد والعباد إلى ما قبل ثورة ٢٠١٩ وسقوط نظام البشير، من المؤسف أنه مع إطلاق أول رصاصة في مدينة الخرطوم التي لم تشهد احترابا أهليا في تاريخها تبخرت الأجسام السياسية التي تسمي نفسها حقوقية ومدنية وعمالية وغير ذلك. الأسوأ أن الواقع كشف أن الأجسام السياسية التي اعتقدنا كمراقبين أنها نبتت بقوة خلال أربع سنوات وخاضت نضالا وإضرابات واعتصامات تبخرت تماما، والأمر من ذلك أنها انقسمت تبعا لانقسام أصحاب السلاح بمعنى أنها أعادت فكرة القوة العسكرية التي تحكم كل شيء في السودان. الصعوبات التي شهدها الأسبوع الأول من النزاع خلقت طبقات من التصرفات التي تبنى عليها محددات يمكن أن تساهم في تشكل المشهد القادم في السودان، وينطلق أول التصورات من الصراع بين الفصيلين الرئيسيين، يعني في أحد صوره أن ينتصر طرف ويجب أن يلغي ويحل بقوة الأمر العسكري الطرف الآخر وهذا ما صدر في اليوم الأول للنزاع حيث أعلنت قوات الجيش السوداني حل ما يعرف بقوات التدخل السريع وقوات التدخل السريع تقول إنها تسعى لتقديم قائد الجيش للمحاكمة كونه قضى على الديمقراطية المنتظرة. قوى الدعم السريع وبحسب موازين القوة التي هي ليست في صالحها يمكن أن تفقد مواقعها في العاصمة وبعض المدن الكبيرة لكن لن تفقد حاضنتها الشعبية والجماهيرية والجغرافية في إقليم دارفور، ومن هناك يرجح أن يستمر تناوش الجيش بمعنى تحول الصراع إلى صراع ممتد زمانيا ومكانيا، أي أنه يقرب السودان من شبح الحرب الأهلية في أقوى صورها خصوصا إذا عرفنا أن دارفور والكتلة البشرية والقبلية هناك مؤيدة لقوات الدعم التي يقال إنها يمكن أن تمول حربا طويلة الأمد نسبيا نظرا للكفاءة المادية التي تتمتع بها. يضاف إلى ما سبق بعد آخر يقرب البلاد المنكوبة من حافة الاحتراب الأهلي وهو عنصر التدخل الخارجي لبلد مثل السودان محاط بعدد كبير من الجيران تنقسم أهواؤهم ومصالح إما مع هذا الطرف أو ذاك. ويجب ألا نغفل الأدوار التي قد تلعبها بعض القوى الدولية التي تستفيد من الصراعات وإدارتها سواء كانت في السودان أو في مكان آخر من العالم.

@salemalyami