د. عبدالوهاب القحطاني

الترابط والتداخل والتكامل العالمي بين الدول اليوم كبير، حيث تنتقل الأزمات بسرعة بين الدول والشركات من حيث التأثير؛ لأن العالم أصبح قرية اقتصادية متكاملة، بفضل الله، ثم بفضل التكنولوجيا والمعلوماتية والاتصالات وقنوات التواصل الاجتماعي. بعض الشركات تنشأ من الأزمات وبعضها تنتهي بالإفلاس بسببها. وكما يقول المثل العربي مصائب قوم عند قوم فوائد. الأزمات مخاطر خارجة عن إرادة وإدارة الشركات ولا يمكن لها سوى التكيف معها بتهيئة الظروف الداخلية القوية حسب التغيرات الخارجية من حيث المخاطر والفرص ومدى قوة وسرعة انتشارها.

تعد الأزمات داخل وخارج الشركات حالات طارئة بإمكانها إلحاق الضرر الشامل بنجاح الشركة وسمعتها وأدائها في السوق أو التأثير على الدخل المالي للشركة؛ إذ أن الأزمات تحدث لأسباب من داخل الشركة أو خارجها سواء في البيئة الداخلية أو البيئة الخارجية المحيطة وأيضًا في البيئة البعيدة. وهنا يأتي دور إدارة الأزمات في خفض الخسائر التي تحدث في حالات الطوارئ غير المتوقعة، وذلك بوضع منهج وطريقة وخطة مسبقة ملائمة لإدارة الطوارئ والاستمرار في العمل والإنتاج.

أما أنواع الأزمات فقد تكون داخل بيئة العمل في الشركة ومنها الأزمات المالية والإدارية والقانونية والتكنولوجية والتقنية. وبما أنها داخلية فإنه من الممكن التحكم فيها وإيجاد الحلول المناسبة التي تقلل من تكلفتها على الشركة، سواء كانت عائلية أو مساهمة. وغالبًا تتحكم إدارة الشركة في مشاكلها النابعة من داخلها. أما النوع الأكثر تعقيدا فإنها الأزمات الخارجية التي يصعب التحكم فيها من قبل إدارة الشركة مثل الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت في الولايات المتحدة في نهاية 2007م لتستمر حوالي عامين، لكن تأثيرها استمر حتى نهاية 2009م. هذه الأزمات الخارجية تتطلب التكيف المناسب في الشركات للحد من تأثيرها السلبي الكبير.

وبعض الشركات تنكشف خلال الأزمات؛ لأنها ضعيفة في نواح عديدة خاصة الناحية المالية التي تحدد بقاءها في السوق أو عدمه، ناهيك عن الحوكمة الشفافة للإدارة التنفيذية التي قد تستغل الأزمات؛ لتنسب لها مشاكلها التي كانت خافية على مجتمع الأعمال والمجتمع المستفيد منها بشتى أطيافه. الأزمات تساعد على كشف التجاوزات المالية والأخلاقية في الشركات وربما تساهم في نهايتها إذا كانت في أوضاع إستراتيجية ضعيفة مثل الرسالة الغامضة والثقافة المؤسسية غير الراسخة والتحكم والتصميم الهشّ والإدارة والموارد البشرية ذات القدرات والمهارات الضعيفة التي لا تساعدها على بناء القوة التنافسية والاستدامة بين الشركات.

ويؤكد بعض المفكرين أن العالم بحاجة لأزمات تحوّل المخاطر إلى فرص، على سبيل المثال الحرب الروسية - الأوكرانية خطر على السلام العالمي في جوانب كثيرة، لكن بعض الدول تستفيد منها في تصنيع وبيع الأسلحة للطرفين المتحاربين، لذلك الشركات الضعيفة التي لا تستطيع التكيف مع الحروب تصبح خطرا عليها. توقد الأزمات البحث في الحلول بطرق إبداعية؛ ما يساعد في إيجاد الحلول للمشاكل بالإضافة إلى بناء قواعد المعلومات التي تحتاجها الشركات في المستقبل عندما تواجه نفس المشكلة أو مشكلة شبيهة بها.

الشركات الناشئة على وجه الخصوص تتأثر بالأزمات؛ لذا تحتاج للتعلم منها لبناء هيكلة مناسبة للتقلبات والمخاطر والفرص في البيئة الخارجية التي تُعد مصدر الفرص والتهديدات. الفروق كبيرة بين إدارة المخاطر وإدارة الأزمات، فالأولى تركز على التخطيط للمخاطر والتقليل من تكلفتها على الشركة قبل حدوث الأزمة، وكذلك بناء الخطة الطارئة للتعامل معها، بينما إدارة الأزمات تعني التعامل مع ما حدث لتقليل تكلفة الأزمة على الشركات خلال حدوثها وبعد نهايتها.

وفي الختام استفادت بعض الشركات من الأزمات في كشف نقاط ضعفها لتقويتها، بينما انكشفت بعض الشركات ولم تستفد من انكشافها ماليا، بل أفلست وذهبت مع الريح.

 كلية الأعمال KBS

@dr_abdulwahhab