سالم اليامي يكتب:

يصف البعض الشيء الذي لا يعجبهم، أو لا يلقى قبولا لديهم بأنه «كلام فارغ» وقديما قيل إن الكلام نوعان، كلام مليان وآخر فارغ وعرفوا الكلام المليان بأنه مليان بكلام فارغ. خطرت لي هذه الأفكار من متابعتي السريعة لبعض وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت مهمة بمعنى حاضرة في حياة الناس على الرغم مما فيها من الكلام المليان وغير المليان. من الملاحظات أن وسائل التواصل الاجتماعي في بعض المجتمعات اكتسبت صفات وعوامل ومحددات من البيئة المحلية وأصبحت أدوات نقل الرسائل بين الأطراف سواء كانت أطرافا متخاصمة، ومتنافرة وهو الأغلب، أو متحابة تمرر عبر مقاطع الفيديو التي أصبحت وسيلة تمكن منها حتى من لا يقرأ ولا يكتب. موضوع الحساسية العالية لدى البعض من تعليقات الآخرين، ولأسباب أخرى منها انتقاد سلوكيات معينة لشخص أو لجماعة، أو حتى منطقة أصبح فعلا يحتمل أن يلقى ردود أفعال، وتعليقات، وربما تحزبات في المواقف، والردود. المشكلة التي بقيت إلى الآن مستعصية على الفهم لدى الكثيرين هي أن البعض يعتقد أن هذا الفضاء المفتوح، أو السوق المفتوح كما أحب أن أسميه مقتصر على موقف إنسان أو جماعة في مكان ما. تخيلوا شخصا يسجل مقطعا مرئيا وهو في فراشه المكون من طراحة - مرتبة للنوم- ومخدة وبطانية في ملحق منزل، أو في غرفة على السطوح يتحدث للناس عن الأشخاص الذين انتقدوه في مقطع سابق له، وكأن المقطع السابق للشخص المذكور الذي يطل على الملايين بملابس داخلية تصريح لزعيم دولة من الدول المؤثرة في السياسة الدولية، أو بيان للأمين العام للأمم المتحدة حول الوضع في بلد تهدده المجاعة والحروب. من ناحية أخرى يجب أن نعترف أن هذا من حقه وهو يختار لنفسه النافذة التي يطل منها على الناس ونؤكد على أن فضاءات وسائل التواصل الاجتماعي سوق مفتوح سنجد فيه الذي يعجبنا ويلفت أنظارنا، وقد نلاحظ وجود أشياء تثير استغرابنا وربما استهجاننا، مع ذلك يجب أن نقبل بفكرة السوق المفتوح ونشتري ونحتفي أيضا بالبضاعة التي تناسبنا ونعرض بكل حواسنا عن البضائع التي لا تجد قبولا لدينا. لكن المعضلة في رأينا هي أن تفضيلات المشاهدة من قبل رواد وسائل التواصل إضافة إلى آليات عمل بعض التطبيقات تروج وتقدم وتعلي من شأن المواد المملوءة بالكلام الفارغ، بمعنى تجعلها مفضلة ومقترحة للمشاهدة لدى كل مستخدمي التطبيق المحدد. وهذه مشكلة قد نجد الوقت لمناقشتها لاحقا.

@salemalyami