@shujaa_albogmi
أصدرت وزارة المالية تقرير أداء المالية العامة في الربع الأول من عام 2023، وتظهر هذه الأرقام استمرارا ملحوظا في معدلات الإنفاق الحكومي المرتفع من جهة، كما أنها تبرهن في الوقت ذاته أن المملكة تواصل النجاحات في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 من حيث تنويع الاقتصاد وتعزيز مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيسي.
سأتوقف أولا أمام هذه الأرقام قبل العودة والتعليق حولها، حيث يكشف تقرير أداء المالية العامة في الربع الأول من هذا العام، عن تسجيل عجز طفيف بلغت قيمته 2.9 مليار ريال، فيما بلغت الإيرادات 280.9 مليار ريال، بينما سجلت المصروفات 283.9 مليار ريال، وجاء العجز في ميزانية الربع الأول نتيجة ارتفاع المصروفات (الإنفاق الحكومي) بنسبة تصل إلى 29% مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، فيما تأتي هذه الزيادة في مستويات الصرف لتحقيق المستهدفات والاستمرار في الإصلاحات المالية.
وتحسنت الإيرادات لتصل إلى 280.9 مليار ريال مقابل 278 مليار ريال في الربع الأول من العام الماضي 2022، وجاء الارتفاع بالرغم من تراجع أسعار النفط مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق، حيث تراجعت الإيرادات النفطية بنسبة 3% لتحقق 178.6 مليار ريال في الربع الأول من العام 2023، مقابل 183.7 مليار ريال للفترة ذاتها من 2022.
وفي الوقت الذي انخفضت فيه الإيرادات النفطية بشكل طفيف، نجحت برامج رؤية المملكة 2030 الداعمة للقطاع غير النفطي وتنويع مصادر الدخل في لعب دور بارز في رفع الإيرادات غير النفطية في الربع الأول من هذا العام، حيث قفزت بنسبة 9% مسجلة 102.3 مليار ريال، مقابل 94.3 مليار ريال للفترة ذاتها من 2022، معوضة بذلك تراجع الإيرادات النفطية، مما أسهم في تحويل إجمالي الإيرادات إلى الارتفاع بنسبة 1 في المائة، كما أنه نتج عن ذلك ارتفاع حصة الإيرادات غير النفطية إلى 36% من إجمالي الإيرادات في الربع الأول من 2023 بعد أن كانت 34% في الفترة ذاتها من 2022.
وحققت الأنشطة غير النفطية نمو بنسبة 5.8% في الربع الأول من العام الحالي 2023، من خلال التركيز عليها واستهداف أن تقود قاطرة الاقتصاد المحلي، فيما من المستهدف أن ترتفع مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي إلى 65% بحلول 2030.
وعلى الجانب الآخر، استمرت السياسة المالية التوسعية للسعودية ضمن برنامجها الإصلاحي الاقتصادي، حيث ارتفعت المصروفات بنسبة 29% في الربع الأول، فيما ارتفع الإنفاق الرأسمالي، بحوالي 75%، فيما ارتفع الإنفاق التشغيلي بنسبة 25%، مدفوعا بارتفاع الصرف على السلع والخدمات التي ارتفعت بنسبة 70%، كما عكست المصروفات البعد الاجتماعي في الإنفاق للحكومي، حيث ارتفعت مصروفات المنافع الاجتماعية بنسبة 52%.
وتعليقا على هذا الأداء، يمكنني الإشارة إلى ركيزتين مهمتين كشفتهما الميزانية العامة الربعية، الركيزة الأولى تتلخص في استمرار معدلات الإنفاق الحكومي المرتفع والذي يستهدف تعزيز فرص نمو الاقتصاد وحيويته، يأتي ذلك على الرغم من حالة عدم اليقين التي يمر بها الاقتصاد العالمي خلال الفترة الحالية، مما يبرهن أن المملكة ماضية قدما نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030.
وتبرز الركيزة الثانية في ارتفاع مساهمة الإيرادات غير النفطية إلى 36%، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيسي إلى 64%، الأمر الذي يؤكد فاعلية حزمة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي عملت عليها المملكة في السنوات القليلة الماضية، والذي انعكس بشكل واضح على تنويع مصادر الدخل، وتقليل معدلات التأثر بتقلبات أسعار النفط.