سعود القصيبي

@SaudAlgosaibi

منذ قرابة أسبوعين، أقامت دارة الملك عبدالعزيز ندوة بالاستعانة بجامعة الملك فيصل، لعرض مسيرة عبدالرحمن بن حسن القصيبي. سلّط الضوء من خلال هذه الندوة على جوانب من حياته، ودوره في خدمة الملك المؤسس والوطن. عرض فيها مجموعة من الأساتذة، وكذلك حفيده، الجهود الإنسانية في أعماله الخيرية وأجزاء من سيرته. في هذه الندوة تحدث فيها مجموعة من القامات الذين لهم حظوتهم التعليمية من الأكاديميين، بالإضافة إلى ابن الدكتور غازي القصيبي سهيل، والذي أثلجنا بكلمة نيابة عن أسرة القصيبي بأسلوبه الجميل، ذكرتنا بطريقة الخطابة عند والده. ولعل العديد غيري تحدث عنه وسيرته، وأضاف إلى قاعدة المعلومات بحثًا وكتابة ودراسة. إلا أنه بعد أن تحدث إلى أحد المحاضرين، لمعرفة المزيد عنه أحببت هنا من خلال هذه المنصة، أن أضيف إلى قاعدة المعلومات مما ذكر عنه كأحد رجال الملك عبدالعزيز تخليدا لذكراه.

ومما دومًا أسأل عنه هي تلك العلاقة التاريخية بين الملك عبدالعزيز مع أسرة القصيبي. وللشرح.. الأسرة توطنت بمدينة حريملاء، بعد بلدة القصب أو القصيب البلدة المندثرة قبلها، التي أسّسها الجد الأكبر للأسرة عبدالله بن محمد القصيبي وسُمِّيت عليه. وما زالت تلك الأرض مكان البلدة القديمة معروفة باسم القصيب لأهالي القصب. لم تكن الرياض بعيدة من بلدة حريملاء مسافة، وبعد انتقال الأسرة للمنطقة الشرقية، ظلت تلك العلاقة والصلة بين آل القصيبي وحكام الرياض من آل سعود مستمرة، والتي أسست، ومنذ سكن الأسرة في مدينة حريملاء. وكان للأقدار مشيئة أخرى، وكان أن عمل إبراهيم بن حسن القصيبي بعد انتقاله للأحساء، وهو عم عبدالرحمن القصيبي جمالا ينقل البضائع من الأحساء إلى حريملاء والدرعية والرياض. وكذلك كان يقيم حملات الحج وقبل تأسيس الدولة، وكان وكيلًا للملك عبدالعزيز بالأحساء. وحسب الرواية الأسرية أنه كان من ضمن المفاوضين للانسحاب العثماني، وهو من قدّم للذين اعتلوا أسوار الكوت العتاد والتجهيزات من الحبال والسلالم. وحسب أحدهم مما رُوي إلي أن آل القصيبي كانوا متواجدين أثناء بيعة أهالي الأحساء للملك عبدالعزيز، ومنهم كان عبدالرحمن القصيبي متقلدًا السلاح خلف الملك عبدالعزيز أثناء قدوم الأهالي عليه للمبايعة.

وعن عبدالرحمن القصيبي، وكعادة الأسرة بالسلام على كبيرها كنت أتوجّه وأنا طفل مع والدتي سنويًّا إلى البحرين للسلام عليه، منطلقين من فرضة الخبر بالبانوش. ولحداثة سِنّي حينها لا أذكر إلا القليل، وما علق في ذاكرتي عند لقائي معه أن كرسيه كان يطل على نافذة بالدور الأول، يشاهد بها الطريق والمارة. وفي أول مشاهدة له كان هناك جمع قدِم للسلام عليه جلسوا يسلمون عليه، ومما أذكر أنني وقفت بجانب الباب، إلى أن استدعاني فسلّمت عليه وهو جالس وسألني عن اسمي، فقام أحدهم بجواره بالرد، ثم قرّبني إليه وأهداني ريالا فضة (ميري تريسا). لم أكن أعلم ما الفضة والريال حينها. ذاك الريال أخذ مني حين عودتي للخبر للحفظ، وظلت إحدى القطع مع جدتي -رحمها الله- إلى أن كبرت وتزوّجت، فأرجعتها لي وما زلت أحتفظ بها، لما كان له من مكانة عند الكل، الصغير قبل الكبير، وكان له -رحمه الله- هيبة وحضور.

ومن القصص مما سمعته من الأسرة، أن كان له قصة مع تجارة اللؤلؤ، كادت تتسبب في إفلاسه، حيث في رحلة له لمدينة بومبي بالهند، وفي مركب لتجار اللؤلؤ قادم من البحرين، حدث أن أسقط بالبحر خادمه بالخطأ ما كان بالقماش الذي كان يحتفظ فيه باللؤلؤ، وكان عدده كثيرا وقيمته عالية جدا عالية. فأخفى الأمر، واقترح على من كان بالمركب أن يشتري كامل محصول اللؤلؤ لذاك العام، بمبلغ وافقوا عليه ليبيعه على التاجر الفرنسي، وحتى لا ينفرد بهم بالمقايضة فيبخس الأسعار. وهكذا كان وربح في هذه الصفقة أضعاف أضعاف ما خسره ما كان اللؤلؤ بذاك القماش.

ما كنت أعلم عنه أنه كان -رحمه الله- كثيرا ما يساعد الناس، وكانت له مخصصات مالية لمساعدة المحتاج، وكثيرًا ما توسّط للخير من أعماله النبيلة. كما ظل -رحمه الله- متواصلا مع مدينة والده حريملاء، ومع عماته المقيمات فيها، وواصلًا مع كافة فروع الأسرة وأفرادها. الحديث عنه يطول، وسأكتفي بالقول، رحمه الله وغفر له وأسكنه جناته.