لعلّ كلمة الوفاء تتردّد إلى مسامعنا كثيراً في حياتنا اليومية، ونعلم بأنها كلمة طيّبة ذات معانٍ سامية، فهي عنوان على صدق المحبة والإخلاص، فالوفاء هو مركب من الجُود والعدل، كما قالت أعرابيّة عندما أرادت أن توصي ابنتها: «واعلمي يا ابنتي أنّه من علِم الوفاء والسخاء؛ فقد استجاد الحلّة بربطتها وسربالها» والوفاء هي تلك الصفة التي يتمتع بها أهل الذوق السليم والطبع الكريم، وهي صفة يشعر بها المرء دون أن يدركها إدراكًا ماديًّا.
ولنا في رسولنا الكريم -صلّى الله عليه وسلم- القدوة الحسنة في تأصيل هذا المعنى في نفس كلّ مؤمن، فقد كان وفيّاً مع أصحابه وزوجاته في حياتهم وبعد مماتهم.
ولعلّ أعظم أنواع الوفاء وأكثرها صدقاً هي وفاء الأحياء للأموات، فهو وفاء يتّسم بخلّوه من المصالح، فيأتي الوفاء لأشخاص غادروا هذه الحياة، لا يجمعنا بهم إلا الدعاء وطِيب العمل الذي قد يكون سببا لرحمة الله تعالى بهم.
ولعلّنا لاحظنا مؤخراً في مجتمعنا انتشار هذه الصفة الحميدة من الوفاء الصادق الراقي في العديد من الأعمال الخيرية والمجتمعية النافعة، التي يقوم بها الكثير من أهل الخير من رجال وسيّدات، ولعلّ أكثر ما دفعني للإعجاب هو تسمية عدد من الحدائق العامة المجاورة لمراكز الرعاية الصحية الأولية في المنطقة الشرقية، بأسماء بعض الرياضيين المتوفّين من أبناء المنطقة من مختلف المحافظات، والذين ساهموا في تمثيل الوطن في الكثير من المناسبات والمحافل المحليّة والدوليّة. فجاءت هذه اللفتة الكريمة بمثابة التقدير والوفاء لهم على تلك الجهود التي بذلوها في تلك الحقبة الزمنية، وهي بلا شكّ دافع لأبنائهم ولمن سيأتي بعدهم لمواصلة السير نحو العمل والإخلاص والذي يُسهم في الرقيّ بخدمة الوطن والمجتمع.