رئيسة تنفيذية لدار إعلامية، متنوعة المنصات، كتبت «مقالًا ـ بيانًا» للقراء استعراضيًّا، بمفردات تفخيمية، وبأسلوب علاقات عامة قديم، يفترض أنه انقرض مع البائدات الأخرى التي دفنها عصر الإنترنت، وأهالت الشبكات الاجتماعية عليها التراب. بينما هناك مَن يحاول بعثها من كهوف الماضي، وإعادة العجلة إلى الخلف.
الأسلوب الدعائي كان عقيمًا متعسفًا في الماضي، ولم يعُد صالحًا لعالم اليوم والذائقة الجماعية للناس. ولو أن الرئيسة التنفيذية حصيفة لعرضت مقالها على صحفي مهني أو على كاتب خبير، كي ينظف المقال من الحواشي الدعائية وما يوحي بالغطرسة، كي يكون «المقال ـ البيان» أقرب للإقناع والحقيقة والتفاعل.
الناس الآن يشاهدون القنوات ويقرؤون، ولا يحتاجون للتعريف بوسائل الاتصال الجماهيري، وبرامجها اليومية ومنصاتها. والمؤسف أن الرئيسة الهمامة قدَّمت صورة «إعلانية» لا تليق بمنصة إعلامية، وكأن منصات الدار غير معروفة. وهذه كارثة وتتناقض مع خطابية الرئيسة ودعاياتها. وسائل الإعلام المحترفة العريقة لا تقدم نفسها بإعلانية فجأة وكأنها وليدة اليوم. إنما تقدم نفسها في سياق التطور التاريخي المعروف للناس.
كان الأسلوب الدعائي ناجحًا قبل نصف قرن، أيام الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي البائد والغرب؛ إذ لا يسمع الناس إلا الراديو، ولا يقرؤون إلا الصحف، وهي وسائل إما حكومية دعائية بطبعها، أو وسائل تخضع للرقابة والتدقيق، وتميل لدعم السياسات الحكومية والحزبية ورؤوس الأموال.
والبيانات الدعائية، عادة، لا تكتب لإقناع الناس، إنما لينتشي الأتباع ولتوظفها المكائن الحزبية الموالية، التلميع والضجيج الدعائي ومنابزة الآخرين، أما اليوم، فإن العالم يعيش ثورة الشبكات الاجتماعية التي تعيد صياغة المشهد الإعلامي، وأصبح المتلقي واعيًا ويعزف عن الأسلوب الدعائي ويمقته. وهذا، بالمناسبة، ما يجب أن يعرفه ممثلو العلاقات العامة المفتونون بالصيغ والقوالب القديمة والتلميع الإنشائي، وتقديس الألقاب وإقحامها في البيانات الصحفية «معالي الوزير» و«سعادة المدير العام»، وهي ألقاب تكتب في الخطابات الرسمية والمعاريض وليس في البيانات الصحفية.
• وتر:
كهبوب الشمال..
يعبر الحقول، محملًا بعطر خزامى..
وواد ممطور.. وجم الخباري..
ليهدي للواحات شذى البساتين..
@malanzi3