تهدف ميزانيّة الأسرة إلى التخطيط لكافة الإيرادات والنفقات المختلفة لتحديد طريقة التصريف المالي الأمثل للأسرة في فترة زمنية محددة، وهي في الغالب سنة كاملة ما لم تطرأ تغيرات اقتصادية ومالية مفاجئة تتطلب إعادة النظر فيها حسب تلك المتغيرات الطارئة. والمعلوم أن المصروفات والادخار الأسري تعتمد على الإيرادات من رواتب واستثمارات، وبالتالي لا بد من توازن بين الإيرادات والمصروفات، خاصة لدى الأسر المحدودة الدخل التي تعتمد على الراتب الشهري، وربما مما تحصل عليه من دعم حكومي إذا كانت من الأسر المحتاجة لذلك.
من أهم فوائد ميزانية الأسرة أنها تبعد الأسرة عن التأثير السلبي للأزمات الاقتصادية والمالية، كما تخفف عنها العبء المالي والنفسي من هموم الديون للبنوك وغيرها. إن لكفاءة إدارة الأسرة لميزانيتها دورًا كبيرًا في المحافظة على مستوى الرفاهية وجودة الحياة والمعيشة. تستطيع الأسرة الحكيمة تصريف أمورها المالية لمواجهة الظروف الاقتصادية القاسية، التي تواجه أكثر الأسر التي لا تتفهم أهمية الترشيد في الاستهلاك الأسري. وتسهم إدارة ميزانية الأسرة في توعية، وإرشاد الأسرة إلى معرفة قيمة الدخل، والإنفاق في فترة محددة.
تحقّق الميزانية قدرة الأسرة على شراء ما يلزمها من احتياجات في الوقت الملائم وحسب القدرة المالية للأسرة. تساعد إدارة ميزانية الأسرة في فهم وضعها المالي وقوتها الشرائية، وتمكنها من الحصول على رؤية واضحة فيما يتصل بمقدرتها الشرائيّة، وتضيف مزيدًا من المعلومات بشأن مواردها الماليّة. تعلّم الميزانية الأسرة كيفيّة إدارة دخولها المالية على الوجه الأفضل، بموجب أصول، وقواعد واضحة. وتمنح الميزانية الأسرة فرصة لتحسين وضعها المالي، لتحقيق بعض الأهداف الخاصة بها.
وتُعد الميزانية تطبيقًا مريحًا لتوزيع الدخل على أبواب النفقات المختلفة الخاصة بالأسرة. وكذلك تتضمن خطة الميزانية دراسة الدخل بطريقة عملية من ناحية إمكانيّاتها، واحتياجاتها، بحيث تحاول إشباع الاحتياجات حسب الأولوية والأهمية في ضوء ظروف الأسرة والظروف المالية والاقتصادية في الدولة، خاصة الأسر التي تعتمد على رواتب الوظائف في القطاعين الحكومي والخاص. وتمكّن ميزانية الأسرة أفرادها من العيش ضمن إطار دخلها المحدود. وتساعد ميزانية الأسرة في تقرير أهدافها، وتحديد احتياجاتها الفعليّة.
ويمكن تقسيم السلوك الاستهلاكي للأفراد حسب نظرية أنواع المستهلكين إلى أربعة. المستهلك العقلاني الذي لا يصرف ميزانيته إلا على الاحتياجات الأساسية بعقل وحكمة ورشد وأهمية وأولوية. أما المستهلك الوجداني فإن عاطفته تغلب على عقله ومنطقه فهو يشتري بعاطفة. وهناك المستهلك الاقتصادي الذي يحاول تطبيق المنهج الاقتصادي في إدارة شؤونه المالية، فهو لا يشتري إلا حسب حاجته ومقدرته. ويحاول المستهلك المندفع أن يكون من السبّاقين في شراء الجديد مهما بلغت قيمته، بشرط أن يكون قادرًا على الشراء، حيث لا يهمه سوى أن يكون البدء في الاقتناء قبل غيره.
حسب نظرية سلوك المستهلكين فإن العقلاني أفضل أنواعهم من حيث إدارة ميزانية أسرته؛ لأنه لا يشتري إلا ما كانت له أهمية وأولوية. وعادة يبحث المستهلك العقلاني على السلع التي تنسجم مع ميزانيته، حتى لا يضطر للاقتراض من البنوك وغيرها. أما المستهلك الاقتصادي فيبحث عن السلع التي تناسب ميزانيته من الناحية الاقتصادية، وهو لا يقل من حيث الترشيد الاستهلاكي عن المستهلك العقلاني. ويقارن المستهلك الاقتصادي بين أسعار السلع وجودتها، وربما يختار الأغلى إذا كانت أعلى جودة وأطول عمرًا، خاصة السلع الكمالية. المستهلك الوجداني يشتري السلع بدافع وجداني عاطفي ليلبي رغبته النفسية، وربما لا يحتاجها. أما المستهلك المندفع فهو أشرس المستهلكين الذين يغلب عليهم الاقتناء النفسي، ليكونوا من أوائل المالكين للسلعة، خاصة إذا كان يحب الظهور بالمظهر الذي يعكس صورته المجتمعية بين أقرانه.
تستطيع الإدارة العقلانية للمصروفات مواجهة التحديات الاقتصادية الصعبة. ومن الأهمية أن تتميز الميزانية بالمرونة الكافية للتعامل مع الظروف الطارئة التي قد تمر بها الأسرة.
كلية الأعمال KBS
@dr_abdulwahhab