رائد الزهراني

.

لمن لا يُجيد التعامل مع مفهوم نظرية حارس البوابة التي تُعد من أهم نظريات الاتصال الجماهيري، فيجدر بنا أن نوضح بعض الجدل الذي يخص هذه النظرية. وهذا ما تحاول المقالة أن تفعله في تقريب مفهوم وشرح بعض من أبعاد هذا الجدل.

في البداية، الفضل يعود بعد الله إلى العالم النمساوي الأصل أمريكي الجنسية كيريت ليوين ((kurt Lewin، الذي يعتقد بناءً على نظريته الكثير من الممارسين والأكاديميين: أن المادة الإعلامية تمُرّ بالكثير من الكيانات والأفراد، الذين يلعبون دورًا من يقوم بتنظيم المعلومات وتدفقها إلى الجمهور. والبعض يعتقد بأن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي ألغت فعالية هذه النظرية. لكن لنتتبع معاً هذه الأمثلة الشارحة لهذه النظرية.

لنضرب مثالًا في حياتنا الواقعية يوثّق التعامل مع هذه النظرية، وإيضاح أنها ليست مجرد نظرية في علم الاتصال الجماهيري.

المثال: الأم (التي تلعب دور حارس البوابة) في المنزل بالتحديد «المطبخ»، هي من يقوم بإعداد الأطباق الغذائية (التي تمثل المعلومات)، ويكون لديها القدرة على اختيار الأطباق الغذائية وإعدادها، وتقديمها في الوقت والمكان المناسبين. هذا المثال ببساطة يوضح لنا مفهوم نظرية حارس البوابة.

وعلى كل؛ فذلك ينطبق على المؤسسات الإعلامية. فالمحرر الصحفي مثلا: يختار لنا نوعية وكمية المعلومات والأخبار، فيقدمها لنا على الطبق المناسب، وأعني بذلك وسيلة الإعلام المناسبة مثل: الجريدة والمجلة، وغيرها من الوسائل، وبعد ذلك يصممها ويعدها ومن ثم يقدمها للجمهور في الوقت والزمان المناسبين.

يذكر أحد الكتب المتخصصة في نظريات الاتصال الجماهيري: أنّ المادة الإعلامية تمرّ على الكثير من البوابات التي تُنقّح المادة الإعلامية (مثل الخبر، المقالة، والعلاقات العامة أو أي رسالة اتصالية) حتى تصل إلى الجمهور. وفي كل بوابة يكون هناك حارس عليها، يسمح بتدفق المعلومات وينظم تلك العملية. والجدير بالذكر أن الأمثلة تتعدد لهذه النظرية، فالمذيع على شاشة التلفزيون مثلاً يُعتبر حارس بوابة والأستاذ في قاعة التدريس كذلك هو حارس على المعلومات التي يبثها لطلبته، وفي الزمن الحاضر «القوانين والتشريعات والأنظمة» تلعب دور هذا الحارس.

وإيجازاً، يؤثر على حارس البوابة في تحريره للمواد الإعلامية العديد من العوامل مثال ذلك: الرقابة الذاتية، سياسة المؤسسة الإعلامية، نظرة المجتمع، القيم، والعادات والتقاليد هي أيضا تؤثر على قرارات حارس البوابة في السماح، والمنع لأي معلومة يُبتغى منها التأثير على الرأي العام.

ولكن في الكفة الأخرى، هناك فئة لا يُستهان بها في الفكر والحراك الثقافي، ترى بأن هذه النظرية عفى عليها الزمن، ودليلهم هو أن الثورة التقنية ستمحي هذه النظرية وتذهب بها أدراج الرياح. ويعزون ذلك إلى ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وغياب سطوة الرقيب، سواء كان المجتمع وأي كيان أو فرد!

لختام هذه المقالة، أعتقد ورأيي مبني على كثير من الأبحاث والدراسات والمقالات العلمية، التي تؤكد على بقاء هذه النظرية. فحتى ظهور وسائل التواصل الاجتماعي لم يلغِ فعالية حارس البوابة.

لنعد بالذاكرة إلى العام 2020 فجميعنا يتذكر حجب حسابات رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، وأحد هذه الحسابات هو حساب الرئيس الأمريكي على تويتر. هذا القرار الذي اتخذته شركه تويتر بناء على ما أملته القوى المختلفة، بمنع تدفق المعلومات من حسابات الرئيس الأمريكي السابق على سبيل المثال، ما هو إلا تجديد عهد ودليل فيصل على بقاء واستمرار هذه النظرية.

@raeedja

محاضر الإعلام، جامعة الملك فيصل