أنيسة الشريف مكي

كلنا نحب أبناءنا، ونتمنى أن نصنع منهم عباقرة ومبدعين، لكن بخطأ تربوي بسيط ندمر نفسياتهم ونحن لا نشعر للأسف.

فعلى سبيل المثال لا الحصر في بعض الأسر نجد على الأقل فرداً من أفراد الأسرة دائم العزلة بعيداً عن الآخرين، وعندما نسألهم.. الأسرة؟ «هو كده يحب يجلس لوحده»

السؤال هنا هل حاول الأهل معرفة سبب العزلة والابتعاد عن الآخرين.. الجواب بالطبع «لا».

وأزيد من الشعر بيتاً توجيه كامل اهتمامات الأسرة لشخص آخر في الأسرة غير محبط لحسن حظه.

بداية، أحب أن أتكلم عن الإحباط لمن لا يعرف مفهومه «عرف علماء النفس الإحباط بأنه حالة من اليأس والخيبة التي تسيطر على الإنسان وتولّد في داخله شعورًا باليأس والاستسلام، وعادةً ما يحدث الإحباط للإنسان نتيجة تعرضه لبعض المواقف الصعبة ومروره بتجارب قاسيّة بشكلٍ متتالٍ في الحياة، لدرجةٍ لا يستطيع أن يتحملها، فيشعر بعدها ببعض المشاعر المزعجة كفقدان الثقة بالنفس، وغياب الأمل، وسيطرة فكرة الفشل على حياته».

لنحذر جميعاً نحن الأسر من أن نكون سبباً في تعاسة من نحب ومن نريدهم أن يكونوا أفضل منا ونريد لهم السعادة الدائمة في حياتهم.

إشعار بعض الوالدين أولادهم بأنهم عديمو النفع يفقدهم الثقة بالنفس خاصة عندما يعاقب الصغير بسبب خطأ تافه بالاستهزاء المتكرر يشعر الصغير بالانكسار والانكفاء على الذات كلما حاول تقديم أحسن ما لديه.

تذكروا أن لكل إنسان قدرات خاصة به، ولا أعمم، أقول في بعض الأسر وأعني الأسرة التي دفعتني للكتابة عن حالة محبطة لديهم أُحبطت دون قصد.

زرع الثقة بالنفس في الصغير من أهم مصادر قوته في المستقبل، فعندما يفقد الصغير ثقته بنفسه صغيراً فكيف يواجه مشكلاته عندما يكبر؟!

هناك مثل صيني يقول: من يجعلك تخسر بعض المال فهو قد أخسرك هذا المال فقط، لكن من يجعلك تخسر ثقتك بنفسك فقد أخسرك كل شيء. كل أموال الدنيا لا تساوي شيئاً أمام خسران ثقة من نحبهم.

الأسرة التي دفعتني للكتابة عن الإحباط وأسبابه، صنعت من أحد أبنائها ناجحاً بدرجة عالية مع مرتبة الشرف الأولى والآخر فاشلاً، منغلقاً على نفسه يسيطر عليه الإحباط ويمنعه من تحقيق أية إنجاز مثمر أو تقدّم فعلي ناهيك عن الآثار السيئة الصحية والمعنوية.

رجاء ومع الشكر أتمنى على الوالدين والأسر ألا يتعامل الطفل بمنطق الكبار، وعدم التوقع من الصغار التصرف والعمل كالكبار، وإن أخطأ لا يقابل باللوم والتوبيخ.

أعرف أن مستوى الوعي الأسري ولله الحمد كبير، إلاّ قلة، وللقلة أقول مع الشكر والتقدير التشجيع من العوامل القوية في بناء الإنسان، فلو كانت نسبة عمل الصغير جيد بنسبة ١ في المائة يستحق التشجيع بنسبة ١٠٠ في المائة، وترك المجال له يفكر ويسأل.

aneesa_makki@hotmail.com