سالم اليامي يكتب:salemalyami @

لا تستغربوا من العنوان، فقد لا يعطي أي نوع من الدلالة الأولية، أو حتى الرمزية على موضوع هذا المقال، وسأخبركم بشيء عرفته عن الأشقاء في السودان، إنهم عندما يريدون توصيف أمر ما بمعنى كثير أو جداً كما نقول في اللغة العربية الفصحى يختارون لفظ شديد، فيقولون مثلاً سهل شديد أي سهل جداً، وعكس ذلك يقولون صعب شديد أي صعب جداً، وهو المعنى الذي أود أن أخبر حضراتكم بأن الوضع الأمني والصدام المسلح صعب جداً، لدرجة أن أطرافا دولية كبيرة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وأطرافا إقليمية مهمة مثل المملكة العربية السعودية كل ما استطاعت انتزاعه من الأطراف المتنازعة على الأرض، المحاورة على الطاولة في جدة، هو الموافقة على هدنة تليها هدنة، وأفهم من وضعي كمراقب أن الأطراف الراعية تنظر إلى ما تحقق إلى الآن على أنه إنجاز يمكن أن يوضع في الميزان، خاصة إذا عرفنا أنه يساعد ولو بشكل جزئي في تخفيف الأزمة على الناس في الداخل المحتاجين في الواقع لكل لحظة هدوء يتدبرون فيها شيئا من مصالحهم المعطلة. المباحثات في جدة مستمرة، الأمل كبير في إحراز إنجاز لصالح السودان وأهل السودان ولصالح المنطقة والإقليم، ولكن التطورات التي تمت خلال الأيام القليلة الماضية على الأرض وفي ميدان المعركة أو المعارك، كان مثيرا «شديد» أي مثيرا جدا، حيث رصد أكثر من مراقب دعوة قيادة الجيش السوداني لكل المنتسبين والمتقاعدين بالعودة للخدمة العسكرية للدفاع عن شعبهم، كما أكد غير بيان. وكان هناك أمران خطران في رأينا تما في الأيام القليلة الماضية، الأول إعلان قيادة الجيش رغبتها في استبدال مبعوث معالي الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان بممثل جديد لاعتقادها - أي قيادة الجيش السوداني- بأن الرجل يعمل بشكل غير متوازن، وربما يسهل بعض الإجراءات للطرف الآخر، اللافت رد الأمين العام للأمم المتحدة الذي رفض بشكل غير مباشر هذا الطلب، حيث كانت إجابة الأمين العام تأكيد ثقته في مبعوثه الحالي. النقطة الأخرى التي أبرزها بيان لقيادة الجيش السوداني توجهت لاتحاد الدول الأفريقية، حيث هدد السيد البرهان بانسحاب بلاده من عضوية هذا الاتحاد، وهذا تطور شديد الخطورة لأن المنطق يقول إنه لا غنى للسودان ولا للسودانيين عن الدعم الإيجابي الذي قد يأتي من هذا الاتحاد وأعضائه من الدول الأفريقية. كمراقبين ما نخاف منه بشأن السودان، الدخول فيما يسمى بالعزلة الصراعية التي تعني في إحدى صورها ترك السودانيين يتعاركون بعيداً عن العرب والأفارقة.