أحد أهم المؤشرات العالمية والتي تمنيت أن يُمنح تغطية إعلامية وإشادة واسعة، كان في ترتيب المملكة في تقرير المواهب العالمية لعام ٢٠٢٢م، والصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية IMD، حيث يُبنى التصنيف على تقييم قدرة الاقتصاد على تطوير مهارات وكفاءات المواهب المحلية، بالإضافة لجذب المواهب العالمية مما يعزز من القدرة التنافسية، وفي هذا المقال سأتطرق لحدث كبير متداول في المملكة خلال الأيام الماضية وتأثيره على هذا المؤشر.
يدرس التقرير ما يقارب ٦٣ اقتصاداً عالمياً من خلال قياس ٣١ معياراً في ثلاثة عوامل؛ «عامل الاستثمار والتنمية والذي يركز على الموارد المحلية المخصصة لتنمية المواهب العالمية»، و«عامل الجاذبية والذي يقيم قدرة الاقتصاد على جذب المواهب والاحتفاظ بها من كل من الأسواق المحلية والعالمية»، و«عامل الجهوزية والذي يقيس جودة ومستوى المهارات والكفاءات المتاحة في مجموعة المواهب»، وأوضح التقرير أن المملكة تقدمت ٨ مراكز في عام ٢٠٢٢م مقارنة مع عام ٢٠٢١م لتصل للترتيب الثلاثين، وحصلت المملكة على الترتيب الثامن من ضمن قائمة الدول التي يزيد عدد سكانها عن ٢٠ مليون نسمة متقدمة على كثير من الدول المتقدمة كإيطاليا وإسبانيا وماليزيا والصين واليابان.
وفقاً لبرنامج التحول الوطني، نجد أن أحد أهم الأهداف الإستراتيجية يختص باستقطاب المواهب العالمية بفعالية لتحسين ترتيب المملكة في مؤشر التنافسية الدولي لاستقطاب المواهب، وذلك من خلال بذل جهود استباقية واستخدام قنوات فعالة لاستقطاب الكفاءات والمواهب العالمية وتسهيل الإجراءات الإدارية المتعلقة بذلك، ومن ثم تحفيزهم على الاندماج بالمجتمع السعودي والولاء له، وبتفصيل أكبر عن هذا التوجه وحتى نصل للمستهدفات، تم اعتماد عدة مبادرات، منها مبادرة شمولية وتفعيل برنامج الإقامة الممتدة لاستقطاب المواهب العالمية التي تستهدف تفعيل البرنامج السعودي لاستقطاب المواهب والكفاءات العالمية أصحاب المهارات والكفاءات الاستثنائية خارج المملكة، من خلال توفير مزايا خاصة لهم، ومبادرة إنشاء منصة إلكترونية تعنى باختيار واستقطاب الموهوبين من الداخل والخارج ومواءمتهم مع الجهات ذات العلاقة، بالإضافة لمبادرة العمل على تحسين التصنيف الدولي للمملكة في استقطاب المواهب العالمية.
في الأيام الماضية كانت أنظار العالم تتجه بشكل كبير إلى المملكة، بعد الإعلان عن التعاقد مع عدة لاعبين رياضيين عالميين، وعلى الرغم من أن الرياضة تمثل مجالاً هاماً في حياة الكثيرين، وتلعب دوراً كبيراً في الحركة الاقتصادية والسياحية، إلا أنها ليست ضمن نطاق اهتمامات هذا التقرير، ومن وجهة نظر شخصية أرى أن هذا التوجه لن ينعكس تأثيره الإيجابي فقط على القطاع الرياضي، بل سيشمل عدة قطاعات وبشكل متسارع، وسيعزز ذلك من جذب أصحاب الفكر والمواهب المميزة في جميع المجالات خاصة المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والعلمية، وسيلعب دوراً هاماً في الحركة الاقتصادية والسياحية، وناتج ذلك سينعكس بشكل واضح على عدة معايير في تقرير المواهب العالمية، مما يساهم في إبراز التطور الريادي الذي تشهده المملكة منذ الإعلان عن رؤيتها.
الإصلاحات الإيجابية المميزة التي «تم وسيتم» تطبيقها على سوق العمل، والمبادرات المميزة التي نشهدها في المملكة كبرنامج تنمية القدرات البشرية ومبادرة استقطاب المواهب الرياضية العالمية، بالإضافة للمشاريع العملاقة الفريدة من نوعها التي تم الإعلان عنها وتناقلتها وسائل الإعلام العالمية باهتمام كبير ولافت، جميعها لها تأثير في وصول المملكة لمراكز متقدمة في هذا المؤشر وخلال فترة قصيرة، ولذلك من المهم الاهتمام إعلامياً في إبراز هذا المؤشر وترتيب المملكة في جميع معاييره.
ختاماً؛ واقع الريادة الذي نشهده اليوم في المملكة يعتبر قصة نجاح يحتذى بها، ولا استبعد أن يتم استنساخها في الكثير من الدول التي تعمل على برامج للتحول الاقتصادي، فهنيئاً لنا هذه الريادة المميزة.