اليوم السادس من الشهر السادس للعام ٢٠٢٣ سيبقى يوما مهما في سجل الصراع الأوكراني - الروسي، في دائرته الأولى، وهو بذات الوقت صراع روسي - أوروبي - أمريكي عالي التعقيد، وتكمن خطورته في أن ليس هناك بوادر على نهايته أو على الأقل استقرار الصراع فيه على وتيرة معينة. إنما كل يوم تستمر فيه جذوة الصراع يكون مليئا بالمفاجآت المؤلمة. تفجير سد نوفا خا روفكا في أوكرانيا عمل عدواني كبير مؤشراته غير مريحة، بل أكثر من ذلك تبعث على قلق كبير من أن هذه الحقبة في عمر الصراع قد تشهد استخدام الكثير من المعطيات غير المألوفة، التي يمكن أن تنقل الصراع إلى مراحل أكثر خطورة وتدميرا. منذ اللحظات الأولى لتدمير السد والجانبان الروسي والأوكراني يتبادلان الاتهامات فيما بينهما، والعالم من حولهم يشاهد عبر قنوات التلفزيون زحف الدمار على القرى والبلدات والمدن. يعتقد أكثر من مراقب أن وصول أطراف الحرب إلى هذا المستوى من الصراع، وضياع المسؤولية بينهما، يشير إلى أن القادم ربما يكون أكثر قتامة. الروس اليوم يقفون على الأرض الأوكرانية وقوى دفعهم وإن شابها بعض التعثر في بعض المحطات، إلا أن ذلك لا يعني للمراقبين بأي حال أن هناك تقدما للجانب الأوكراني الذي يتوعد بشأن هجوم الربيع المنتظر، وجاءت حادثة تدمير السد ربما لتكون أول الموانع الطبيعية في وجه القوات الأوكرانية المتحفزة، والتي تنقل الأخبار في الأيام القليلة الماضية أنها فقدت أعدادا كبيرة من العسكريين. حادثة تدمير السد تحمل الكثير من المؤشرات، والعواقب الوخيمة لما يحدث بين أوكرانيا وروسيا من ذلك علاوة على إجلاء مئات الآلاف من الناس من القرى والبلدات، تدمير ملايين الهكتارات من الأراضي الزراعية التي كانت تنتج الحبوب وتصدرها لدول العالم، وتنقل بعض المصادر أن ما يفوق ٤٠٪ من الأراضي الخاصة بالزراعة ستخرج عن حسابات الإنتاج؛ لأنها ببساطة شديدة لن تعد صالحة للزراعة. تقول تقديرات كثيرة إن أزمة الحرب في أوكرانيا خلطت كثيرا من أوراق السياسة، والاقتصاد، والعلاقات الدولية في العالم، أدخلت المنظومة الدولية في حالة استقطاب، واصطفاف شديدين، وكشفت عن مدى نظرة الأطراف المتصارعة لطبيعة العلاقات مع جُل أعضاء المنظومة الدولية. الطاقة هي الأخرى من المسارات المهمة التي ارتبطت بشكل غريب بالأزمة في أوكرانيا إلى جانب أزمة الغذاء. وانكشف العالم على حقيقة أنه كلٌ مترابط في السياسة، والأمن، والاقتصاد، وبقية الموارد الضرورية لحياة الناس على هذا الكوكب.