اليوم- الدمام

صباح اليوم الأربعاء، توجه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى فرنسا، في زيارة رسمية بناء على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.

يلتقي ولي العهد خلال زيارته رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون، ويترأس وفد المملكة المشارك في قمة من أجل ميثاق مالي عالمي جديد المقرر عقدها في باريس يومي 22 و23 من يونيو الحالي.

كما سيشارك سموه الكريم في حفل استقبال المملكة الرسمي لترشح الرياض لاستضافة إكسبو 2030 المقرر عقده في باريس يوم 1/ 12/ 1444هـ الموافق 19/ 06/ 2023م. حفظ الله سموه في سفره وإقامته.

علاقات قوية وصداقة متينة

تأتي زيارة صاحب السمو الملكي، امتدادًا للعلاقات الثنائية بين المملكة وفرنسا، التي تتميز بالتطور والنمو في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والدفاعية، وتتوافق وجهات نظر البلدين الصديقين ورؤاهما حيال الكثير من القضايا المشتركة.

ويزخر أرشيف ذاكرة العلاقات السعودية الفرنسية بصور تجسد شراكة تنمية، وصداقة متينة بين البلدين، تمضي قدماً بقوة وثبات، وسجلت في مختلف الميادين خطوات رائدة وثابتة.

وبدأت بوادر العلاقات بين المملكة وفرنسا عام 1926م عندما أرسلت الأخيرة قنصلاً مكلفًا بالأعمال الفرنسية لدى السعودية، ثم أنشأت بعثة دبلوماسية في جدة عام 1932م.

وزار الملك فيصل بن عبد العزيز فرنسا عام 1967م والتقى الرئيس الفرنسي شارل ديغول، فقد مثلت تلك الزيارة دعمًا وتطورًا ليشمل مجالات أرحب بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما الصديقين.

وشكل تبادل الزيارات بين قيادات البلدين، وكبار المسؤولين فيهما، حلقات في سلسلة توثيق وتطوير العلاقات وتنسيق الجهود بما يعود بالمصالح المشتركة على المنطقة والشعبين الصديقين.

معرض المملكة في باريس

وفي عام 1986م افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ حينما كان أميرًا لمنطقة الرياض والرئيس الفرنسي - وقتذاك - جاك شيراك، معرض المملكة بين الأمس واليوم في باريس.

وزار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في 1997م جمهورية فرنسا، ووقع مع عمدة باريس جان لييري ميثاق تعاون وصداقة بين مدينتي الرياض وباريس.

عمل البلدان على تعزيز العلاقات الاستثمارية الثنائية وبناء شراكات طويلة الأمد بين القطاع الخاص- اليوم

حليف وثيق

تعتبر فرنسا المملكة حليفاً وثيقاً يلعب دوراً رئيساً في الحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي واستقرار المنطقة، فتعمل على التشاور مع القيادة في المملكة في شأن القضايا والأزمات الراهنة وسبل معالجتها.

وتتعاون المملكة مع فرنسا في جهود محاربة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره ودوافعه، ويعكس ذلك مساهمة المملكة بتقديم 100 مليون دولار في إطار (تحالف الساحل) للتصدي للإرهاب.

توافق وجهات النظر

تتوافق وجهات نظر الجانبين السعودي والفرنسي حول العديد من القضايا، ومنها أهمية تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية في لبنان، كمطلب دولي لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار للبنان بعيداً عن التدخلات الخارجية، وأهمية بذل الجهود لدعم الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وضرورة العمل المشترك، وتعزيز التواصل والتشاور حيال التحديات التي تشهدها المنطقة.

ويرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن استبعاد المملكة من مفاوضات الاتفاق النووي لإيران في العام 2015 كان خطأً جسيماً بحق المملكة وأمنها والأمن الإقليمي، مع دعم الجهود والمبادرات التي تهدف لتعزيز الاستقرار الإقليمي والحيلولة دون حصول إيران على سلاح نووي.

دعم التطوير الثقافي للعلا

وشهدت العلاقات الثقافية التاريخية بين البلدين على مدى العقود الستة الماضية تعاوناً مستمراً في مختلف المجالات، وتعاون للتطوير المستدام لمنطقة العلا، تسهم من خلاله فرنسا بدعم التطوير الثقافي والسياحي لهذه المنطقة الزاخرة بالإمكانيات.

وتهدف قيادة البلدين إلى الإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في العالم بشكل عام وفي المنطقة بشكل خاص.

توطيد العلاقات ودفعها للأمام

صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- زار فرنسا في عام 2018؛ لتوطيد العلاقات ودفعها قدمًا إلى الأمام، بما يتواءم مع البرامج المشتركة والمشروعات التنموية وفق رؤية المملكة 2030.

ووقع البلدان خلال زيارة سمو ولي العهد لفرنسا في العام 2018م، 19 بروتوكول اتفاق بين شركات فرنسية وسعودية، بقيمة إجمالية تزيد على 18 مليار دولار، شملت قطاعات صناعية مثل البتروكيميائيات ومعالجة المياه، إضافة إلى السياحة والثقافة والصحة والزراعة.

وفي ديسمبر 2021، استقبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون، وعقد الجانبان جلسة

مباحثات رسمية استعرضا خلالها العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين البلدين في جميع المجالات، وأكدا أهمية تعزيز العمل المشترك والدفع بالعلاقات الثنائية إلى مزيد من التعاون الوثيق.

ووقع البلدان، على هامش الزيارة عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في المجالات (الثقافية، والسياحية، والتقنية الرقمية، والفضاء)، إضافة إلى اتفاقية إنشاء المركز الثقافي الفرنسي (فيلا الحجر) في محافظة العلا، وإقامة منشأة لإنتاج هياكل الطائرات (صناعات عسكرية)، وصيانة محركات الطائرات.

إشادة فرنسية بمبادرات السعودية

وأشاد رئيس فرنسا خلال الزيارة بمبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، وأكد أهمية التعاون لتنفيذ هذه المبادرات، كما تدرس فرنسا والسعودية فرص تطوير إنتاج الهيدروجين النظيف في المملكة، بالإضافة إلى استخداماته المختلفة للمشاركة في تحويل الاقتصادات إلى اقتصادات خالية من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

في 28 يوليو 2022م، التقى ولي العهد، الرئيس الفرنسي، الذي استقبله في قصر الإليزيه، مرحبا بسموه في فرنسا، متمنيًا له ومرافقيه طيب الإقامة، فيما عبر سمو ولي العهد عن سعادته بهذه الزيارة.

اتفاقية أمنية بين البلدين

وتُبرز الزيارات المتبادلة بين المسؤولين العسكريين والأمنيين في البلدين تقارب وجهات النظر السياسية وتعزيز التعاون الأمني والعسكري بينهما.

ويتمثل التعاون في هذا المجال في التدريب الأمني وتسليح القوات البرية والبحرية والجوية في المملكة، حيث وقعت البلدان في عام 1429هـ اتفاقية أمنية في مجال قوى الأمن والدفاع.

زيادة تعاون الشركات الفرنسية

وفي المجال الاقتصادي رحبت المملكة العربية السعودية بزيادة تعاون الشركات الفرنسية في القطاعات في إطار رؤية المملكة 2030، بما فيها الطاقة، وإدارة المياه والنفايات، والمدن المستدامة، والنقل، والطيران المدني، وحلول التنقل، والاقتصاد الرقمي، والصحة،

وتجمع المملكة وفرنسا علاقات متينة في مجالات الطاقة، والتي تتمثل في العديد من المشروعات في مجالات تكرير البترول، وإنتاج البتروكيماويات، وقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، ، وأمن المحطات والشبكات الكهربائية، وموثوقية الخدمة، وتبادل الخبرات في الربط الكهربائي.

336 شركة فرنسية في المملكة

زاد عدد الشركات الفرنسية المستثمرة في المملكة من 259 شركة في العام 2019 إلى 336 شركة في العام 2022، وعمل البلدان على تعزيز العلاقات الاستثمارية الثنائية وبناء شراكات طويلة الأمد بين القطاع الخاص في المملكة وفرنسا وتوسعة نطاقها، عبر توقيع مذكرة تفاهم بين برنامج ريادة الشركات الوطنية في وزارة الاستثمار السعودية وبرنامج (بزنس فرانس).

مشاريع مشتركة

من أبرز المشاريع السعودية الفرنسية المشتركة، مصفاة ساتورب المشتركة بين شركتي أرامكو السعودية وتوتال إنرجي الفرنسية، وشركة (EDF) الفرنسية للطاقة المتجددة التي تترأس ائتلاف تطوير مشروع مزرعة الرياح في محافظة دومة الجندل، وشراكات أخرى في المجالات اللوجستية، منها شركة مترو العاصمة (كامكو JV) بمدينة الرياض.

7.1 مليار دولار.. حجم التبادل التجاري

وبلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة وفرنسا في العام 2021 ما قيمته 7.155 مليارات دولار، حيث جاءت المملكة في المرتبة 32 في قائمة الدول التي تستورد منها فرنسا بقيمة 3.915 مليارات دولار.

كما احتلت المملكة المرتبة 53 في قائمة الدول المستقبلة لصادرات فرنسا بقيمة 3.240 مليارات دولار.

وتعد المنتجات المعدنية، والمنتجات الكيماوية العضوية، وألمنيوم ومصنوعاته، ولدائن ومصنوعاتها، أهم السلع التي تصدرها المملكة إلى فرنسا، بينما تعد منتجات الصيدلة، والزيوت العطرية ومستحضرات التجميل، والسيارات وأجزاؤها، والآلات والأدوات الآلية وأجزاؤها أهم السلع التي تستوردها المملكة من فرنسا.

نمو صادرات المملكة إلى فرنسا

نمت صادرات المملكة إلى فرنسا من 3.2 إلى 4.2 مليار دولار بين العامين 2017 و2019.

ووسع البلدان نطاق التعاون بين الجامعات والكليات التقنية ومراكز الفكر والأبحاث في المملكة وفرنسا، إضافة إلى التعاون في مجالات البحوث العلمية والتطوير والابتكار، ويبلغ إجمالي عدد الطلاب السعوديين المبتعثين حالياً في الجمهورية الفرنسية 996 طالباً، فيما يبلغ عدد الطلاب الفرنسيين الدارسين في ا لمملكة حالياً 259 طالباً.