خلود المباركي khalmubaraki @

«لا تعمم» و«التعميم لغة الجهلاء».

عبارات كثيراً ما تتردد ونسمعها في معظم حواراتنا ونقاشاتنا اليومية. بل ونجد أن الجميع مؤمن بها ومرتاح لفكرتها، فهي قد تنفي عنه صفة مستنكرة أو مستهجنة لديه أو لدى المعمم..

إلا أن التعميم لا ينفي بالضرورة مقولة لكل قاعدةٍ شواذ، والتي تميل إلى الصواب والمنطقية أكثر؛ وتغيب دائماً عن ذهن الغاضب من التعميم..

المعمم في حديثه عن مجتمع أو منطقة أو قبيلةٍ ما؛ مدرك جيدًا أن ما أطلقه لا يستوجب جمع أبناء هذه المنطقة أو الدولة بالتأكيد، فهو لم يجر دراسة أو مسحًا لجميع أفرادها، ولكن حسب ما يمر به من احتكاك بهذا المجتمع أو ذاك، واكتسابه لتجربة شخصية قد لا تكون يسيرة.

والتعميم في حال كان بصفة جيدة مثلاً كأبناء هذه المدينة جميعهم أذكياء سيجد ترحيبًا من قبل المتلقي، لكونه يصف أبناء هذه المدينة بصفة حميدة، بل وقد يعتبرها الطرف الآخر من الحوار شهادة في حق أبناء هذه المدينة، ولن نسمع عبارة «التعميم لغة الجهلاء»، وفي المقابل إن كانت الصفة غير حميدة بالطبع ستتصدر «التعميم لغة الجهلاء» ولو كان في قرارة نفسه يعلم أن ما قيل يحمل شيئًا من الصواب.

في اعتقادي الشخصي - الذي يحتمل الخطأ حسب الملاحظة والتجربة البسيطة - أن المجتمعات أو القبائل أو بعض الدول بالفعل تحمل صفات سائدة ولا ضير من تعميمها مع مراعاة أن لكل قاعدة شواذ، ووجود الشاذ لا ينفي الأكثرية. وذلك وفقاً للجينات والوراثة، ووفقاً للبيئة والنشأة، فجميعها عوامل مساعدة لتنامي هذه الصفات.

وهذا يشبه ما يسميه المؤرخ وعالم النفس الفرنسي جوستاف لوبون في كتابه السنن النفسية لتطور الأمم بـ «روح العِرق»، حيث يشير لوبون إلى «أنه برغم الاختلاف التشريحي للبشر إلا أن روح العرق يتألف من اجتماع ما يأتي به أفراد البلد الواحد من الأفكار والمشاعر حين يولدون، وهذه الروح، وإن كانت خفية في جوهرها، ظاهرة كثيراً في آثارها، وهي تسيطر على تطور الأمم بالحقيقة».

لذلك، فالتعميم يعني الملاحظة، والملاحظة تساعد في تأريخ روح العرق، وبناء عليه يمكن دراسة هذه الصفات وتطويرها..