الملك وميتشل يبحثان عملية السلام
ثمانون عاما هي عمر العلاقة التاريخية القوية التي جمعت المملكة بالجمهورية التركية.. ففي 3/8/1929م وقع البلدان معاهدة صداقة، ومنذ ذلك التاريخ تطورت العلاقات بصورة ملحوظة لتوافر الإرادة والرغبة لدى القيادتين ، وبلغت ذروتها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي قام بزيارة دولة ناجحة وتاريخية لتركيا في أغسطس 2006م ثم في نوفمبر 2007م انتقلت بعدها العلاقات الى آفاق أرحب في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية .عوامل تقريب حاسمة على مدى السنوات الفائتة تميزت علاقات البلدين بعوامل حاسمة أسهمت في تطويرها وتوثيقها وفي مقدمة ذلك الاحترام المتبادل ، والتعاون ، ويشهد التاريخ بأنه لم تنشأ بين البلدين أي أزمات سياسية تعوق نشوء علاقات ثقافية فاعلة ، وجاء نص البيان المشترك بشأن التعاون بين الجمهورية التركية والمملكة العربية السعودية الصادر في 9-11-2007م بأن يعمل الطرفان على تنظيم فعاليات وأنشطة ثقافية في البلدين بهدف إبراز الثراء الثقافي لديهما ، ليسهم بصورة واضحة في تطوير العلاقات المشتركة. والى جانب ذلك عملت مواسم الحج والعمرة في التقريب بين البلدين حيث تستقبل المملكة سنوياً، وعلى مدار العام ، 200 ألف من الحجاج والمعتمرين الأتراك لأداء مناسك العمرة والحج. كما لعبت السياحة السعودية في تركيا دورا مهما في التقريب بينهما إذ يتجه آلاف السعوديين سنوياً خاصة في الصيف إلى تركيا ، ويقوم السياح السعوديون إلى تركيا بدور كبير في التعريف بالثقافة السعودية من خلال التنسيق المسبق، بإقامة محاضرات وندوات وحفلات يحييها السياح السعوديون لتقديم ملامح من ثقافة المجتمع السعودي إلى المجتمع التركي. إرادة التطويروتتضح أهمية العلاقات بين البلدين وحرص القيادة على تقويتها من واقع زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي أكد فيها على جملة مؤشرات توضح الرغبة الصادقة في الارتقاء بها الى طموحات وتطلعات الشعبين ، حيث أكد خادم الحرمين الشريفين أهمية العلاقات التي تربط السعودية وتركيا ، بقوله إنها (صمدت أمام الكثير من التجارب عبر السنين) وإن مصلحة البلدين بل والمنطقة بأسرها تتطلب تعزيز هذه العلاقات ودعمها. ودعا خادم الحرمين الشريفين رجال الأعمال الأتراك والسعوديين إلى المبادرة في إقامة المزيد من المشروعات المشتركة وإلى استثمار المزيد من الأموال، وقال (إنني على ثقة بأن المردود سوف يكون مجزيا وينعكس بصورة مباشرة على رخاء الشعبين). وذلك ما أكده رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بقوله (إننا نلاحظ بسرور تطور العلاقات التركية ـ السعودية لا في المجال السياسي فقط بل في المجال الشعبي وفي المجال الاقتصادي فيما يتعلق بالاتصالات بين الشعبين) وأضاف (إننا نهدف إلى تحقيق وتطوير التعاون مع المملكة العربية السعودية ونعطي الأولوية لذلك، وعندما نلقي نظرة على العلاقات الاقتصادية فإننا نقوم بتقييم الطاقات الاقتصادية التي يملكها البلدان)، وفي تلك الزيارة وقع الطرفان ست اتفاقيات اقتصادية ، بالإضافة إلى عدد من مذكرات التفاهم في مختلف المجالات. تطور التعاون الثنائيمؤشرات التعاون الاقتصادي بين البلدين تكشف عن قيم اقتصادية مهمة ومتطورة فقد بلغ حجم التجارة في الاتجاهين 6.2 مليار دولار في عام 2005، بما في ذلك ما قيمته 603 ملايين دولار من النفط الخام الذي استوردته تركيا من المملكة. وقد حوّلت الحكومة التركية اتجاه سياستها الخارجية نحو الشرق أملاً في تحقيق مكاسب اقتصادية ، فمن بين صفقات عدة تم إبرامها في الخليج ، تبرز صفقة شراء شركة الاتصالات السعودية لشركة تيليكوم التركية التي كانت تحتكر السوق في السابق بمبلغ 6.55 مليار دولار. إن النمو الاقتصادي لتركيا البالغ 6 في المائة بسكانها الذين يناهز عددهم 70 مليوناً يجعل منها مكاناً جاذباً للاستثمار. ومن المؤكد أن خصخصة عدة قطاعات ، بما في ذلك محطات توزيع الكهرباء والبنوك والموانئ ومعامل السكر، سوف تشهد ارتفاعاً سريعاً في الاستثمارات السعودية. تركيا عملاق قادمالقيمة الاقتصادية لتركيا أصبحت أكبر عبر السنوات الماضية فقد شهد الاقتصاد التركي على مدى نحو 25 عاما نموا تاريخيا وعددا من التطورات منذ العام 1982م حتى أصبحت تركيا الآن من أكبر الاقتصادات العشرين في العالم ، وارتفع حجم التجارة الخارجية لها من 14 مليار دولار عام 1982م الى نحو 200 مليار دولار ، فيما أصبحت الصادرات الصناعية الآن تشكل 90 في المائة من مجمل الصادرات التركية بعد أن كانت الصادرات الزراعية تحتل المرتبة الاولى بنسبة 80 في المائة من مجمل الصادرات. ووصل حجم الاستثمارات الاجنبية في تركيا الى حوالي عشرة مليارات دولار في حين كان قبل نحو عشرين عاما لا يتجاوز المليار دولار ، وفي الوقت نفسه تسجل نسبة نمو كبيرة في الصادرات تصل الى أكثر من 80 مليار دولار وإضافة الى 92 مليار دولار حجم التجارة الخارجية ، فيما تعمل الشركات التركية في أكثر من ستين بلدا في العالم وتطمح الى الاسهام في النهضة التنموية في المملكة وهناك وجود لعدد من الشركات التركية ضمن الشركات التي تسهم في بناء مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بمدينة رابغ ، وقد أزاحت الحكومة التركية كثيرا من العوائق التي تقف أمام المستثمرين الاجانب مما يفتح الباب أمام رجال الاعمال لزيادة استثماراتهم في تركيا والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في العديد من المجالات لاسيما في مجالي الصناعة والسياحة.الاقتصاد السعودي يتقدموتشير مؤشرات الاداء في الاقتصاد السعودي الى نتائج وإحصائيات تضعه أيضا ضمن الاقتصاديات العشرين الأولى في العالم مما يجعل الشراكة أكثر حيوية وقوة حيث بلغ الناتج المحلي الاجمالي الاسمي لعام 2005 م (307) مليارات دولار، ونما بما مقداره 7 . 22 في المائة وكان أكبر ناتج محلي منذ تأسيس المملكة ، كما ارتفعت الإيرادات الى 148 مليار دولار وهي أكبر إيرادات تحققها المملكة منذ تأسيسها وتم طرح أكبر مشروع اقتصادي في المنطقة (مدينة الملك عبدالله الاقتصادية) بتكلفة قدرت بـ 6. 26 مليار دولار ، وذلك مما يجعل المملكة كواحدة من أكبر 20 اقتصادا في العالم. ولم تعد المملكة بلدا مصدرا للنفط فقط بل بلغت الصادرات السعودية غير النفطية أكثر من 20 مليار دولار ووصلت منتجاتها الى أكثر من 120 دولة واحتلت المملكة المرتبة 23 في قائمة الدول الرئيسية المصدرة للسلع. شهد العالم بجودتها وسعرها المنافس. وذلك مما دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الى القول ( إننا نهدف الى تحقيق وتطوير التعاون مع المملكة العربية السعودية ونعطي الاولوية لذلك وعندما نلقي النظرة على العلاقات الاقتصادية فإننا نقوم بتقييم الطاقات الاقتصادية التي يملكها البلدان). وأضاف (إن المسؤولية في هذا المجال تقع على عاتق القطاع الخاص في كل من المملكة وتركيا ونحن كحكومتين في البلدين عازمون على تقديم الدعم وتشجيع القطاع الخاص). وقد أكدت الحكومتان الصديقتان في كثير من المناسبات عن العزم الأكيد على توثيق العلاقات الاقتصادية وعقدا مجموعة من الاتفاقيات الثنائية تشكل الإطار القانوني المناسب لهذه العلاقات وهما عازمتان على إزالة أية عوائق تعترض سبيل التعاون ، والمجال مفتوح أمام رجال الأعمال في البلدين للمبادرة إلى إقامة المزيد من المشروعات المشتركة وإلى استثمار المزيد من الأموال بما ينعكس بصورة مباشرة على رخاء الشعبين الصديقين. العمالة التركية .. جودة مشهودةيبلغ تعداد الجالية التركية في السعودية حوالي120 ألفا، في الرياض فقط 60 ألفا منهم، وهي نسبة عالية إذا ما قورنت بجالية في مدينة ما، ويتميز الأتراك المتواجدون للعمل في السعودية بنجاحهم المهني، على مختلف الأعمال التي يؤدونها، وإن كانت تخصصاتهم قد تحددت بثلاث مهن أو أربع على أكثر تقدير، من أهمها ورش السيارات، صوالين الحلاقة، والمطاعم. وتبدي هذه العمالة ارتياحها التام لوجودها في السعودية ومساهمتها في التنمية ، ولا توجد مشكلات حقيقية تمنع الأتراك من التفاعل مع المواطنين والأجانب ، وأسهمت العلاقات القوية بين المملكة وتركيا في دفع الجالية التركية لتعميق تلك العلاقات والمساهمة في تطويرها ، وأصبح معروفا عن التركي جودة عمله والتزامه بقيم العمل واحترام قيم المجتمع الذي يعمل فيه خاصة أن العادات والتقاليد قريبة الى حد ما ، بالنظر إلى قرب تركيا من العرب حيث تعتبر من أقرب البلدان الأجنبية إلى البلدان العربية. الأيام الثقافية السعودية في تركيامن المشاهد الأخرى الداعمة للعلاقات بين البلدين استضافة الجمهورية التركية للأيام الثقافية السعودية، حيث قام معالي وزير الثقافة والإعلام إياد بن أمين مدني ووزير الثقافة والسياحة التركي أرتوغرول كوناي في أكتوبر 2007م بافتتاح الأيام الثقافية السعودية في تركيا وذلك في قاعة الاوبرا بالعاصمة التركية أنقرة . وأكد الوزير التركي حينها أن استضافة الأيام الثقافية السعودية في تركيا تزيد تركيا فخرا وشرفا وتمنح شعبها التعرف بشكل أوسع على تراث المملكة وحاضرها الثقافي. وأوضح وزير الثقافة والسياحة التركي اعتزام بلاده إقامة أسبوع ثقافي في المملكة في المستقبل القريب في مدن الرياض وجدة والدمام ، كما أن وزارة الثقافة والسياحة التركية تعتزم فتح مكتب لها في الرياض ليكون مساعدا لتطوير التعاون الثقافي بين البلدين. المستقبل مفتوح للنموعن تطور العلاقات بين البلدين الصديقين تحدث لـ (اليوم) سفير خادم الحرمين الشريفين لدى تركيا الدكتور محمد رجاء الحسيني قائلا : تطورت علاقات البلدين كثيرا بعد زيارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ( يحفظه الله ) للجمهورية التركية ، وشكلت تلك الزيارات انعطافا مهما في مسيرة العلاقة بينهما والتي تعود جذورها الى حوالي ثمانين عاما ، وقد أسهم كثير من العوامل في تقوية العلاقة وفي مقدمتها الرغبة القوية لقيادتي البلدين في التطوير والاستثمار المشترك خاصة وأنهما ضمن منظومة العشرين الكبار في الاقتصاد العالمي ، كما أن تقارب العادات والتقاليد بين الشعبين باعتبارهما مسلمين لعب دورا محوريا في تمتين العلاقات خاصة أن مواسم العمرة والحج تشهد حضور كثير من المعتمرين والحجاج الأتراك الى الأراضي المقدسة ، ولذلك دوره في دعم التلاقح الثقافي بين البلدين ، والى جانب ذلك الحركة الواسعة لرجال الأعمال في كلا البلدين باتجاه بعضهما لتنفيذ العديد من المشروعات التنموية المشتركة خاصة مع التشريعات الاستثمارية الجديدة في البلدين التي توفر بيئة استثمارية نموذجية للمستثمرين. وأضاف الحسيني : أتوقع أن تشهد علاقات البلدين مزيدا من التطور في السنوات القادمة طالما كانت هناك رغبة مشتركة ومساحات من التقارب التي تحتاج لدور القطاع الخاص للاستثمار في البلدين ، فهناك كثير من القطاعات التي بحاجة لضخ كثير من الاستثمارات حتى تحقق المصالح المشتركة . علاقات باتجاه الأفضلومن جانبه أعرب السفير التركي لدى المملكة ناجي كورو في تصريحات خاصة بـ (اليوم) عن ارتياحه لمستوى العلاقات السعودية التركية ، وقال أتوقع أن تتوسع علاقات البلدين بشكل أكبر لتشمل كثيرا من المجالات التنموية المفتوحة للاستثمار على نطاق واسع ، وفيما يتعلق بأوضاع العمالة التركية في المملكة قال إنهم مرتاحون جدا في العمل بالسعودية ، لافتا الى عدم وجود أية مشاكل تعترض أعمالهم أو تكدر عليهم ، مستشهدا بأن بعض العمالة يعملون في السعودية منذ عشرات السنين. وأكد كورو أن العلاقات بين البلدين تسير دوما باتجاه الأفضل بما يعكس إرادة القيادتين لتطويرها ودعمها لتحقيق المنافع والفوائد التي تهم الشعبين الصديقين ، منوها الى دعم رجال الأعمال في كلا البلدين للاستفادة من المزايا التشجيعية والتنافسية التي تخدم أعمالهم وتحقق المكاسب التي تؤكد مضي عمليات التنمية لتحقيق أهدافها وفقا لتطلعات القيادتين ورغبتهما في تعميق أواصر الصلات في جميع المجالات .
الزعيمان
الزعيمان يستعرضان حرس الشرف في أنقرة
الزعيمان
الزعيمان يستعرضان حرس الشرف في أنقرة