د. لمياء البراهيم@DrLalibrahim

ساهمت الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي اتخذتها المملكة في مواصلة دفع عجلة النمو، على الرغم من التحديات الاقتصادية والجيوسياسية المختلفة التي تواجه اقتصادات العالم، والتي قد تؤثر على مسار نمو الاقتصاد المحلي وآفاقه المستقبلية، فالأداء الاقتصادي والإصلاحات المالية التي شهدتها المملكة منذ انطلاق الرؤية انعكست على المؤشرات المالية العامة؛ مما أتاح مساحة مالية إضافية مكنت من تسريع الإنفاق على البرامج والمشاريع والاستراتيجيات المرتبطة بالرؤية، والتي بدورها تعجل من تحقيق عوائد اقتصادية ومكاسب اجتماعية سيكون لها أثر إيجابي مالي، مع المحافظة على تحقيق التوازن بين الاستدامة المالية وتعجيل تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للرؤية.

فقد عملت الحكومة على مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والسياسات المالية، وفقا للوضع الاقتصادي والمالي بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة، وستقوم بمراجعة هذه السياسات في الوقت المناسب حين استقرار الاقتصاد العالمي إثر تشديد السياسات المالية النقدية.

الاقتصاد السعودي شهد ازدهاراً اقتصادياً نتيجة الارتفاع القوي في الاستثمار الخاص، واستمرار الوتيرة القوية لنمو القطاع غير النفطي ومواصلة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وحسب تقييم خبراء صندوق النقد الدولي الأخير سيساعد استمرار تنفيذ برنامج الإصلاحات الطموح في تحقيق نمو قوي وشامل ومستدام، حيث أكد خبراء الصندوق أن السعودية هي أسرع اقتصادات مجموعة العشرين نمواً في عام 2022م، وأن معدل البطالة بين السعوديين شهد انخفاضاً إلى أدنى مستوياته على الإطلاق، بالإضافة إلى ارتفاع معدل مشاركة المرأة خلال عام 2022م إلى نحو 36%، متجاوزاً بذلك مستهدف رؤية المملكة 2030، كما أشاد خبراء صندوق النقد الدولي باستمرار تنفيذ أجندة الإصلاحات الهيكلية لرؤية السعودية 2030 نحو اقتصاد أخضر وأكثر إنتاجية، والذي حدد التقدم المحرز في مجال الرقمنة، والبيئة التنظيمية وبيئة الأعمال، ومشاركة المرأة في القوى العاملة، وزيادة استثمارات القطاع الخاص.

مع تنويع الاقتصاد غير النفطي للمملكة نمت الأنشطة غير النفطية بنسبة 5.4%، بالإضافة إلى المستويات المرتفعة التي سجلها مؤشر مديري المشتريات خلال شهر فبراير لهذا العام، مما يعكس نظرة إيجابية حيال نمو الأنشطة غير النفطية خلال الفترة القادمة، والائتمان الممنوح للقطاع الخاص، كما شهد مؤشر التجارة الإلكترونية نموًا كبيرًا يصل إلى حوالي 42%، مما يعكس التطور الكبير في المعاملات الإلكترونية، مدعوماً بالتوجه الحكومي حيال التوسع في المدفوعات الإلكترونية والتحول الرقمي.

• ولمؤشر مدفوعات سداد فقد شهد نمواً خلال أول شهرين من العام الحالي بحوالي 20%، وكل هذه المؤشرات الإيجابية في الإنفاق الاستهلاكي تعكس ثقة المستهلكين بالوضع الاقتصادي، مدعومة باستمرار مواسم السعودية والسماح للحاصلين على جميع أنواع التأشيرات بغرض السياحة أو الزيارة بتأدية مناسك العمرة، مما ساهم في زيادة أعداد المعتمرين من الخارج.

لهذا ليس من المستغرب أن تصنف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، الاقتصاد السعودي بالأعلى نموًا في مجموعة العشرين لعامي 2022م و2023م، وأن يشيد صندوق النقد الدولي بقوة اقتصاد المملكة ووضعها المالي، وأن تحدث وكالة التصنيف الائتماني «سـتاندرد آنـدبورز» و«فيتش» و«موديز» نظرتها المســـتقبلية للمملكة من مســـتقرة إلى إيجابية.

اليوم المملكة العربية السعودية في المركز الأول في مؤشر رسملة سوق الأسهم، ولديها 147 شركة تقنية، كما قطعت شوطاً طويلاً في تمكين الاستثمار الجريء، وتسعى لأن تكون مركزاً عالمياً للتقنية، وتسخير الابتكار لتلك التقنية، وكذلك الأول في مؤشر حقوق المساهمين.

كما حقق معدل التضخم في المملكة لشهر مايو 2023، استقراراً نسبيّاً على أساس شهري في الأشهر الخمسة الماضية بنسبة وصلت إلى 2.8%، بما يعكس متانة الاقتصاد السعودي، والأثر الإيجابي الكبير الذي نتج عن الإجراءات والتدابير الاقتصادية التي سارعت المملكة باتخاذها منذ وقت مبكر لمواجهة موجة الارتفاع العالمي في معدلات التضخم.