اليوم: د. نورهان عباس

أمضى الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي، سام ألتمان، الشهر الماضي في جولة لعواصم العالم حيث تحدث عن الحاجة إلى تنظيم عالمي للذكاء الاصطناعي، خلال لقاءات مع رؤساء الحكومات وقادة، وفق ما كشفت عنه مجلة تايم الأمريكية بشكل حصري، في الموضوع الذي ترجمت اليوم أبرز ما جاء فيه.

لكن رغم الانفتاح الذي أظهره ألتمان مع القادة إلا أن الحقيقة شيء آخر، حيث ضغط ألتمان، وشركته أوبن إيه آي من أجل تخفيف عناصر مهمة من تشريعات الذكاء الاصطناعي الأكثر شمولاً في العالم، وهو قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي، حتى يتم تطبيقه بطرق من شأنها أن تقلل العبء التنظيمي على الشركة وعلى تقزيم وتحجيم الشركة بشكل موحش.

جاء ذلك كله، وفقًا لوثائق جرى الإفراج عنها لمجلة تايم الأمريكية، حول الطبيعة الحقيقية لمشاركة سام ألتمان خلال جولته بالاتحاد الأوروبي. وحصل صحفيو مجلة تايم على المعلومات من المفوضية الأوروبية، عبر طلب بالكشف عن الأسرار وفق قانون حرية تداول المعلومات.

وفي العديد من الأمور والمواد المقننة للذكاء الاصطناعي، اقترح ألتمان عمل تعديلات جرت إضافاتها على النص النهائي لقانون الاتحاد الأوروبي، الذي وافق عليه البرلمان الأوروبي في 14 يونيو الجاري، وسينتقل الآن إلى جولة نهائية من المفاوضات قبل الانتهاء منه في أقرب وقت في يناير.

وفي عام 2022 دخلت شركة أوبن إيه آي في مناقشات وجدالات مطولة مع المسؤولين الأوروبيين، لتقنعهم بأن قانون الذكاء الاصطناعي المرتقب لا ينبغي أن يعتبر أنظمة الذكاء الاصطناعي ذات الأغراض العامة مثل شات جي بي تي، ومنشئ الصور دال- إي 2 عالية المخاطر.

وتكمن مشكلة القوانين الأكثر صرامة، هي أنها تعين مراقبين وآليات من شأنها إخضاع الذكاء الاصطناعي لمتطلبات قانونية صارمة بما في ذلك الشفافية وإمكانية التتبع والرقابة البشرية.

لكن رغم مراوغة ألتمان، وكشف الصحافة الأمريكية له، إلا أنه ليس الأول في هذه المراوغة، حيث اتبع تفس هذه الحجة شركتي مايكروسوفت و جوجل، فكلتيهما ضغطتا سابقًا على مسؤولي الاتحاد الأوروبي لصالح تخفيف العبء التنظيمي عنهما.

وقالت أوبن إيه آي، في وثيقة من سبع صفحات لم تُنشر سابقًا، أرسلتها إلى مسؤولي مفوضية الاتحاد الأوروبي والمجلس في سبتمبر 2022 بعنوان الورقة البيضاء من أوبن إيه آي حول قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي: أن نظام جي بي 3 ليس نظامًا عالي الخطورة، فهو يمتلك قدرات مختلفة مفيدة في حالات متنوعة وحسب.

في مايو الماضي، سبق وقال ألتمان للصحفيين، خلال تواجده في لندن، إن شركة أوبن إيه آي : قد تقرر التوقف عن العمل في أوروبا إذا اعتبرت نفسها غير قادرة على الامتثال للوائح، لكنه تراجع في وقت لاحق عن تحذيره.

وعلقت تايم وقالت إنه مع ذلك، يبدو أن جهود الضغط التي بذلتها شركة أوبن إيه آي، كانت ناجحة، فلم تتضمن المسودة النهائية للقانون الذي وافق عليه المشرعون في الاتحاد الأوروبي صياغة موجودة في المسودات السابقة تشير إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي ذات الأغراض العامة يجب اعتبارها ذات مخاطر عالية بطبيعتها. بدلاً من ذلك، دعا القانون مقدمي ما يسمى بـالنماذج الأساسية، أو أنظمة الذكاء الاصطناعي القوية المدربة على كميات كبيرة من البيانات، للامتثال لمجموعة صغيرة من المتطلبات بما في ذلك منع إنشاء محتوى غير قانوني، والكشف عما إذا كان النظام قد تم تدريبه على المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر، وإجراء تقييمات للمخاطر.