مطلق العنزي يكتب:

تجتمع حشود الحجاج اليوم «يوم التروية» في وادي مِنى ليرحلوا فجر الغد إلى مشعر عرفة، لبلوغ يوم الحج الأكبر التاسع من ذي الحجة. وبعد غروب الشمس، يفيضون إلى المشعر الحرام (مزدلفة). قال تعالى «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ - فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَام ِ- وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ» (البقرة ـ 198).

وعرفة هو المشعر الوحيد خارج الحرم، ويحده من الغرب وادي عرنة عند مسجد نمرة، وجزء من المسجد خارج عرفة، وقال عاتق البلادي: إن مسجد نمرة سمى باسم جبل غربي المسجد وبينهما وادي عرنة. والمزدلفة بين مِنى وعرفة، وينفر إليها الحجاج من عرفة عبر المأزمين، وهما مضيق بين جبلين.

وقال شاعر:

ألا ليتَ شِعْري هل أبيتَنَّ ليلةً

وأهلي معاً بالمازَمَين حُلُولُ

وهل أُبصرنّ العيس تنفح في البُرَى

لها بمنىً بالمحرمينَ ذميلُ

وروي أن الرسول -صلى لله عليه وسلم- وقَف بعرفةَ فقال «هذه عرفةُ، وهذا الموقِفُ، وعرفةُ ‌كلُّها ‌موقِفٌ». ثم أفاض حينَ غرَبتِ الشمسُ، فأردَف أُسامة بن زيد، وجعَل يسيرُ على هينتِه، والناسُ يضرِبون يمينًا وشمالًا، وهو يقول: «يا أيَّها الناسُ، عليكم بالسَّكِينة». ثم أتى جَمْعًا (أي المزدلفة) فصلَّى بها الصلاتين جمعًا، فلما أصبَح أتى قُزَحَ فقال: «هذا قُزَحُ، وهذا الموقِفُ، وجَمعُ ‌كلُّها ‌موقِفٌ». ثم أفاض فلما انتهَى إلى وادي ‌مُحَسِّر، قرَع ناقتَه حتى جاز الوادي، ثم وقَف، وأردَف الفَضْل (بن العباس)، ثم أتى الجمرةَ فرماها، ثم أتى مِنًى فقال: «هذا المَنْحَرُ، ومِنًى كلُّها مَنْحَرٌ».

(...) ثم أتى البيتَ فطاف به.

قال ابن هرمة يذكر جمعا (المزدلفة):

سلا القلب، إلّا من تذكّر ليلة

بجمع وأخرى أسعفت بالمحصّب

ومجلس أبكار، كأنّ عيونها

عيون المها أنضين قدّام ربرب

وقال الفضل بن عباس بن عتبة اللهبي يذكر وادي محسر، وهو واد بين المزدلفة ومِنى:

أقول لأصحابي بسفح محسّر:

ألم يأن منكم للرحيل هبوب

فيتبعكم بادي الصبابة عاشق

له بعد نوم العاشقين نحيب• وتريهلج الحجاج بالدعاء.. للرحمن الرحيم.. أن يفيض كرمه، ويغفر الذنوب.. وينزل عليهم السكينة.. ويعم ديار الناس وقلوبهم بالسلام..

@malanzi3